عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

المدير الضعيف والمدير القائد: بين التسلّط والقيادة الحقيقية

بقلم: د. نوال محمد نصير

في مؤسساتنا، كثيرًا ما نصادف نوعين متباينين من المديرين: أحدهما مدير ضعيف يتوارى خلف موقعه الرسمي، والآخر مدير قوي يتحول إلى قائد ملهم. والفرق بينهما لا يُقاس بالدرجة الوظيفية، بل بالرؤية والنهج والقدرة على اتخاذ القرار.

المدير الضعيف هو ذاك الذي يجعل أذنه مرجعية وحيدة، يستمع لما يُقال له دون تحقق، فيصدر أوامر عشوائية قد تهدم أكثر مما تبني. هذا النوع من المديرين يُدار من خلف الستار، فتتحكم به الشائعات، وتؤثر عليه مصالح “المقرّبين”، ويتحول موقعه إلى سلطة شكلية لا أكثر. يتخذ قراراته بناءً على الانطباعات لا الوقائع، وتغيب عنه العدالة، مما يُضعف ثقة فريقه به، ويُولد بيئة عمل سلبية تعمّها الإحباط.

في المقابل، المدير القوي ليس بالضرورة متسلطًا أو صارمًا، بل هو القائد الذي يمتلك من الحكمة ما يمنعه من التسرع، ومن الشجاعة ما يجعله يتحمل المسؤولية. يتحقق بنفسه، يسمع من الجميع، ويزن الأمور بميزان العدل. يفكر استراتيجيًا، ويملك رؤية واضحة، ويُدير بفهم لا بانفعال.

القائد الحقيقي لا يخشى الأصوات المعارضة، بل يُصغي لها باحترام. يُشرك فريقه في صناعة القرار، ويخلق بيئة من الثقة والاحترام المتبادل. هو من يمنح الفرص، ويحتوي الخلاف، ويبني الإنسان قبل أن يبني الإنجاز.

الفرق الجوهري بين المدير الضعيف والمدير القائد هو أن الأول يحتمي بالمنصب، أما الثاني فيحمي المنصب بقدراته وقيمه وإنسانيته.

ختامًا، المؤسسات لا تنهض بالأوامر العشوائية، بل تُبنى بالعقول النيّرة والقلوب المنصفة. وإنّ المدير الذي لا يسمع إلا ما يُرضي غروره، سيتحوّل مع الزمن إلى معول هدم خفيّ، أما القائد الذي يسمع بعقله ويتصرف بحكمة، فهو حجر الأساس في نهضة أي منظومة. وبين الضعف والقيادة، هناك مسؤولية وقرار.