كلٌ يراك بعين طبعه وبقدر محبتك في قلبه
بقلم: الدكتورة منال قطيشات – ناشطة اجتماعية
في زحمة الحياة اليومية وتعقيداتها، نمرّ بتجارب ومواقف تكشف لنا حقيقة عميقة قد تغيب عنا في كثير من الأحيان: الناس لا يروننا كما نحن حقًا، بل يروننا كما هم. إن نظرة الآخرين إلينا ليست دائمًا انعكاسًا موضوعيًا لواقعنا أو لصفحاتنا البيضاء، بل غالبًا ما تكون انعكاسًا لذواتهم، لقلوبهم، لنواياهم، ولخلفياتهم النفسية والاجتماعية.
فقد تكون في نظر شخص معين أجمل ما صادفه في حياته، بينما يراك آخر مصدر إزعاج فقط لأنك مختلف عنه. هناك من يرى فيك كل خير رغم أخطائك، ومن لا يرى منك إلا الزلات، ويتناسى ما فعلت من أجلهم. أشخاص يختزلونك في موقف، وآخرون يحتضنونك رغم العثرات. وكل ذلك لا يعود إلى من أنت، بل إلى ما يعنيه وجودك في قلوبهم.
وهنا، تتجلى الحكمة العميقة: لا تُرهق نفسك في محاولة تغيير نظرة الجميع، ولا تسعَ إلى إرضاء من لا يُدرك قيمتك. تذكّر دائمًا أن العين لا تبصر إلا ما ينبض به القلب، وأن كلٌّ يراك من الزاوية التي يقف فيها منك، ومن المساحة التي تشغلها بداخله.
فكن كما أنت، صادقًا، نقيًّا، واسع القلب، ولا تحزن إن خذلك البعض أو لم يفهمك. ففي نهاية المطاف، ما يراه الناس فيك لا يُعرّفك، بل يعرّفهم هم.