“نهاية المشروع الإيراني في المنطقة”.. الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها
وكالة الناس
بقلم: الدكتور علي فؤاد حناوي
لطالما سعت إيران لتقديم نفسها كحامية للقضية الفلسطينية وراعية “للمقاومة”، متبنيةً شعارات ضخمة عن دعم الشعب الفلسطيني، مستغلةً قضية فلسطين لتوسيع نفوذها في المنطقة. لكن مع مرور الوقت أصبح من الواضح أن هذا “الدعم” لم يكن سوى ذريعة لتحقيق مصالح إيرانية طائفية، بعيدة كل البعد عن المصلحة الفلسطينية أو العربية.
إيران التي طالما ادعت دعم فلسطين لم تقدم شيئاً ملموساً على الأرض، على الرغم من تكرار شعاراتها عن دعم “المقاومة”. لم نرَ جندياً إيرانياً يقاتل في الأراضي الفلسطينية، ولا قوافل مساعدات إيرانية وصلت إلى غزة. بل لم نشهد يوماً إيران تقدم أي نوع من المساعدة الإنسانية الحقيقية أو تستقبل اللاجئين الفلسطينيين. في حين أن المملكة الأردنية الهاشمية كانت حاضرة على الأرض الفلسطينية، حيث قدمت الشهداء في معركة القدس، وحملت العبء الثقيل في استضافة الملايين من اللاجئين الفلسطينيين، وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من القضية الفلسطينية. كانت وستظل في عهد الهاشميين تدافع عنها على كافة الأصعدة الدولية.
في المقابل، كانت إيران تواصل دعمها للمليشيات الطائفية في سوريا ولبنان والعراق واليمن، وكان لها دور سلبي في تقويض الاستقرار العربي، مستغلةً القضية الفلسطينية كأداة لتوسيع نفوذها. بينما كانت تروج لنفسها كراعية للمقاومة، هذا الدور الذي مزج بين الطائفية والفوضى بدأ يتراجع مع تغير المعطيات الإقليمية، حيث أعلنت إيران عن تقليص دعمها للحوثيين في اليمن، وتغير مواقفها في العديد من الملفات. هذا يشير إلى بداية انهيار المشروع الإيراني في المنطقة بكل تأكيد.
لكن ما يثير الاستغراب هو تناقض بعض الأطراف في المنطقة:
هؤلاء الذين يرفضون تحالفات بعض الدول العربية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وينتقدون التقارب معها، وفي نفس الوقت يجيزون لأنفسهم التقرب من إيران ويمجدون دورها في دعم فلسطين. هؤلاء أنفسهم يتجاهلون الحقائق الواضحة حول الدور الإيراني في قتل الأبرياء في سوريا والعراق، وتدمير لبنان واليمن، وزرع الطائفية والفتن في قلب العالم العربي. كيف يمكن للمرء أن يعارض التحالف مع أمريكا بينما يمد يده إلى إيران، التي كانت أحد أكبر مراكز إشعال الحروب في المنطقة؟
هذه التناقضات لا تخدم القضية الفلسطينية، ولا تقدم لها شيئاً ملموساً:
إيران التي تدعي أنها حليف لفلسطين لم تكن يوماً شريكاً حقيقياً في دعم الشعب الفلسطيني، بل استخدمت القضية كورقة ضغط لتوسيع نفوذها. في حين كانت الدول العربية، وعلى رأسها الأردن، تقدم الدعم الفعلي والتضحيات العظيمة من أجل القدس وفلسطين، وتستقبل اللاجئين الفلسطينيين على أراضيها، وتدافع عن حقوقهم في كل المحافل الدولية.
إن القضية الفلسطينية ليست ورقة ضغط في يد إيران ومليشياتها:
فلسطين بحاجة إلى دعم حقيقي، وليس إلى شعارات فارغة تستغلها الأطراف التي تسعى إلى مصالح طائفية لا علاقة لها بالقضية الفلسطينية. الشعب الفلسطيني يحتاج إلى وحدة الصف العربي، وإلى مواقف ثابتة تضع القضية الفلسطينية في قلب اهتمام الجميع. ولعل الأردن، بمواقفها الواضحة والراسخة، تقدم المثال الأبرز على الدعم الحقيقي لفلسطين.
فلسطين بحاجة إلى دعم حقيقي، يتجاوز الشعارات ويقوم على العمل الملموس.
إن الأردن التي قدمت الغالي والنفيس لأجل فلسطين هي أصدق وأوثق شريك لفلسطين، بينما بقيت إيران تلعب على الحبال السياسية وتستخدم القضية الفلسطينية كستار لمخططاتها الطائفية. أما الدول العربية الحقيقية فهي التي كانت تساند فلسطين بكل قوة، وليس تلك التي تسعى فقط لتحقيق مصالحها على حساب الدماء والآلام.
في النهاية، لا مكان للتهليل لمواقف فارغة ولا للوهم الذي يروج له البعض.
فالأمة العربية بحاجة إلى أن تبقى متحدة في دعم فلسطين، وأن لا تساوم على الحقوق الوطنية لأجل أطماع طائفية أو سياسية. فإيران قد فشلت في أن تكون الحليف الحقيقي لفلسطين، بينما تظل الأردن ومعها باقي الدول العربية ذات المواقف الثابتة هم القوة الحقيقية التي ينبغي الوقوف خلفها في مواجهة التحديات التي تواجهها القضية الفلسطينية. فقضيتها هي قضية إنسانية عادلة ولا مكان للطائفية فيها.