غسان مطر.. الرجل الذي أخفى دموعه خلف النظارات السوداء

وكالة الناس – تحل اليوم ذكرى وفاة الفنان غسان مطر، الذي اشتهر بملامحه الحادة وأدواره القوية، لكنه في الواقع كان يحمل في داخله قصة إنسانية ونضالية لم يعرفها كثيرون.

عرف الجمهور غسان مطر بملامحه الجادة وأدواره الصارمة في السينما، لكنه كان أكثر من مجرد ممثل؛ فقد عاش تجربة إنسانية ونضالية شكلت ملامح شخصيته الحقيقية. حمل قضية وطنه في قلبه طوال حياته، ولم يسمح للألم أن يُضعف عزيمته، بل جعله وقودًا لمسيرته التي لم تكن سهلة.

مواقف غيرت حياة غسان مطر

من أكثر اللحظات قسوة في حياة غسان مطر كانت عندما فقد زوجته ووالدته وابنه خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان. لم يكن معهم وقت القصف، وحين سمع الخبر عبر إذاعة مونت كارلو، أصابته لحظة صمت تخللها أمل بأن يكون هناك خطأ. لكن الحقيقة كانت أقسى، فقد دُمر منزله بالكامل، ولم ينجُ أحد من عائلته. هذه الفاجعة تركت أثرًا عميقًا في داخله، لكنه اختار أن يمضي في طريقه دون أن ينكسر.

لطالما ظهر غسان مطر مرتديًا نظارات شمسية، لكنها لم تكن مجرد إكسسوار، بل درعًا يخفي حزنه. بعد استشهاد ابنه، أصبح يجد صعوبة في كبح دموعه عندما يكون وحيدًا، لكنه لم يشأ أن يرى أحد ضعفه، فكان يخفي عينيه خلف النظارات حتى لا يلتقط الآخرون لحظات انكساره. قال ذات يوم لأحد المقربين منه: “أنا مش عايز حد يشوف دموعي، أنا جبل، بس الجبل ساعات بيتوجع.”

زيارة لم تكتمل

قبل سنوات من رحيله، حاول غسان مطر زيارة قبر ابنه في بيروت، لكنه لم يتمكن من الوصول إليه بسبب القيود الأمنية داخل المخيمات الفلسطينية. وقف على بعد أمتار، حدق في المكان بصمت، ثم قال لمن رافقه: “هو عارف إني هنا، مش لازم أوصل، المهم هو حاسس بيا.” ثم غادر، وهو يردد كلمات أغنية فلسطينية قديمة اعتاد أن يغنيها لابنه وهو صغير.

الرسالة الأخيرة لغسان مطر

في أيامه الأخيرة، وأثناء وجوده في المستشفى، طلب ورقةً وقلمًا، وكتب عليها: “أنا عشت راجل.. ومت راجل.. قولوا لكل اللي بيحبوني يفضلوا رجالة.” ثم طوى الورقة ووضعها تحت وسادته. وبعد وفاته، وجدها أحد أفراد أسرته، واحتفظ بها كرسالة أخيرة من رجل لم يعرف سوى الكبرياء والكرامة حتى آخر لحظة في حياته.