0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

عيون الأخبار في حكومات الدُّوَّارْ

 لو أدرك الطبري أو المسعودي حكوماتنا فكيف عساهما يؤرخان لها؟ أليس هكذا !
—————————————————————–
وفي سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة وألف، تولى على الناس عبد الله بن عبد الكريم النسري، لخمس بقين من ذي القعدة، فأغلى الأسعار،وأرخص الدينار،وفرض المكوس، فأرجف الناس، وهاجت الدهماء، لِما تيقَّنوهُ من عموم البلاء، فخرجت العامة إلى الطرقات، وهموا ببيته ليحرقوه، فوجدوه محرَّزاً بالجند والشُّرط، فصدوهم عنه، فارتدوا إلى شِعْب ِالمدينة،بجموع كالليل تسير كالسيل، ثم تواعدوا من الغد على ما أضمروه أن يفعلوا كما فعلوا في ليلتهم تلك، فأَخْلَى الطرقات من الجند والشرط، وقد كان يسعه ملءُ المدينة بهم؛ ليمنعوا البلاء ولكنه أحجم لأمر يعلمه الله وحده.
 
 فلما كان من الغد، زحفت الدهماء على  أسواق المدينة، وتواطأوا على خلعه، فلما رأى بعض الشطاَّر غفلة من الناس، وفقدوا من الشُّرط من يَصدُّهم عن الشر، انتهبوا الحواصل وأحرقوا الحوانيت، فلما كان من الغد واستقرت المدينة على خراب ٍمنظور، قام فيهم النسري خطيبا ًفعنَّفَهُمْ، وسبَّ طريقتهم، وسفَّه سعيَهم، فقال قد وهبناكم فسحة من الرأي، وجعلناكم في مندوحةٍ من السبِّ والردْ،وأخلينا لكم الطرقات من الجند، حتى لا نتهم بإذلالكم، فركبتم مركب السَّفَهْ، واندس بينكم الشطار وأهل العَتَهْ،ولا نعلم منهم أحدا فكلكم مؤاخذون بجريرتهم، فهكذا أسرفتم في اعتراضكم ودمرتم مدينتكم…………….. فأصبح الناس وقد صدقوه وصاروا يتلاومون على ما كان منهم، وارتدوا على أنفسهم بالزجر والتثريب،ثم عادوا إليه بالشكر والترحيب، وأعلنوا له الولاء، ونجحت الخطة في رد العاقبة عليهم في البلاء، واستقر حكمه، وسارت في الناس طريقته، ونفعه اتهام الناس بالغلو في قبولهم الغلاءْ.
 
 
 وفي عهده، حدثنا من نثق به من الحاشية قال: غزت البلاد قطعان من الجراد، وبعثوا عسساً منهم يتحسسون أحوال البلاد، فعادوا إليهم بما لم يحمدوه، وذلك أنه كان قد عدا على خزائن البلاد لصوص فأفرغوها، وأكلوا خضراءها، وتركوا خزائنها جُرُزاً،فخاف الجراد من بعد أن يكون مأكولاً لهم بدلاً من أن يستأصل خضراءهم! فارتد على عقبيه، بعد أن فقدت منهم أربع عشرة جرادة، وقعت في الأسر، وقيل قتلت صبرا.
 
وفي عهده، طاف بالشام  ملك حبشي قد علا على الروم يقال له أبرهة، ونزل على حلفاء له من يهود، كانوا قد علو أيضا على اهل فلسطين، فحلَّ بهم ضيفاً،وشكوا له ما يتهددهم من العرب، فشدَّ من أزرهم،ووعد بدوام نصرته لهم،ثم شرب نبيذهم، وأعجبه مثواهم، وحمل من عندهم أصنافا من الملفات المزركشة بالديباج،والأعراب يضحكون،  فطاف ببمالك العرب، غير عابئ بهم، ثم غاب وراء البحار تاركا خلفه في كل ناحية من بلاد العرب حامية من جنده وكثيرا من مواليه،وكثيراً من آباء رُغال.
 
وفي عهده علا بالسيف على أهل سورية المسلمين،  نصيريٌ مجرمٌ! يقال له: (بشار بن حافظ العلوي)يتبعه جندٌ،من شرار الخلق في سرايا يقال لهم (الشبيحة) فأهلك الحرث والنسل، وهدم البنيان، وحرق الناس بعد قتلهم،وانتهك الأعراض، وأجرى بالدم الطرقات،ولم يترك عاجزا ولا طفلا ولا امرأة،وخرج الناس من الشام وحداناً وزرافات، ثم لم يشبع نهمته من الناس، فعمد جنده إلى قطعان من الحمير فأبادوها،فاستعاذ من شره المستطير  البشر والشجر والحمير؛ والناس تنظر إلى عظم البلاء ولا يستطيعون له دفعاً، وملوك العرب يفزون ثم يحتجون،ثم يعقدون الوليمة ثم يفترقون،ثم يرقدون، والبلاء يتعاظم،حتى هجر أقوامٌ من الشاميين بلادهم، ونزلوا بصحراء الأردن يُغاثونْ، فخرج على النصيري جماعة من المجاهدين المُكَبِّرينْ، فأرغموا أنفه، وقتلوا جنده، وهدموا ملكه،فالتمسوه فلم يجدوه،  ثم نقبوا في البلاد،فعثروا عليه في حفرة بين بنات عرس، فحرزوه،وقطعوا رأسه وطافوا به في البلاد ثم علقوه على باب دمشق، فكان يوم فرح وسرورلأهل الإسلام، وحزن وغم لأهل الكفر والنفاق وأولياهم من اليهود، بعد  قتل حليفهم في الشام.
ملاحظة باقي المخطوطة مفقود