0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
previous arrow
next arrow

الدولة والإخوان…جردة حساب

في البداية أرجو ممن يقرأ مقالتي هذه أن يعلم أنني أنطلق من منطلق المنطق وقول الحق والحقيقة غير متحيز لجهة ضد أخرى بعينها بقدر ما أحاول محاكمة ما يجري ويدور هذه الأيام من اجراءات تتخذ بمواجهة الإخوان ( غير المرخصين ) من قبل الدولة مقابل تمسكهم بموقفهم. وبما ان الشيء بالشيء يذكر سنعرج على الاولويات التي كنا نتوقعها من الطرفين.
لقد جاء اغلاق مقرات الاخوان المسلمين في خضم الاندفاع السعودي باتجاه مصر وانسجاما مع الموقف الرسمي المصري والإماراتي من الإخوان ومن منطلق الحق، فإخوان الأردن هم الأقل عنفا ودموية والأكثر انسجاما مع الدولة كما كانوا الأكثر تقبلا من قبل النظام والدولة.
أما نظراؤهم في الدول الأخرى ملاحقون ومراقبون وتحركاتهم مرصودة حيث لاتهاون معهم ويزجون بالسجون. أما في الاردن انقسموا على أنفسهم حيث هناك بعض الإنشقاقات التي صبت بصالح الدولة وتشكلت جماعة إخوان جديدة ومرخصة من قبل شخص هرم وشاب – حيث تربطني به أصول واحدة – كان مراقبا عاما لسنين طويلة فهل شرعية جماعته ومصداقيتها ودعوتها تأتي من كونها مرخصة؟؟ أم أن الفكر مشترك والعقيدة مشتركة والنهج مشترك والأهداف مشتركة؟؟
هذا من وحهة نظر دينية إذا خلصت النوايا ولم تختلط بها الأهواء الدنيوية والإغراءات المادية والمصالح الشخصية والجري وراء الشهرة ورغم أن البعض منهم قد انخرط في الجزء المرخص فلن يغير ذلك من موقفنا واختلافنا مع الاخوان بشقيهم المرخص وغير المرخص في العديد من السلوكيات والقناعات وأشكال الطرح السياسي والإجتماعي والديني. الإخوان هم انفسهم الإخوان منذ تأسيس جمعيتهم والرضا بها واحتضانها والإعتماد عليها في الفترات العصيبة التي كانت تعج بالأحزاب التقدمية المنادية بلزوم الإطاحة بالأنظمة الحاكمة لرجعيتها وتخاذلها حسب لسان حال تلك الأحزاب.
كان الإخوان الدرع الذي يصد رصاص البعث الإشتراكي الذي لا يؤمن بالأنظمة الملكية من حيث المبدأ كما كانوا الواجهة الدينية التي تتصدى للمد الشيوعي على أساس حماية الدين من الخطر الأحمر وكانوا أداة مقاومة للقومية العربية التي تقريبا تجمع بين هذا وذاك.
استمر الحال كذلك لغاية مرحلة التغيير في عام 1989 وشاركوا في مجلس النواب وكان لهم نصيب الأسد في عدد المقاعد. ثم جاءت مرحلة الصحوة الحكومية لتحجيم الإخوان وتقليم أظافرهم فتم اختراع قوانين انتخاب تنسجم مع مصلحة الدولة والنظام في ظل معارضة من جميع الأطياف السياسية والحزبية وعدم رضا من المواطنين غير المسيسين دفعت بمنظمات حقوق الإنسان لتصنيف الأردن بمرتية متدنية بهذا الشأن.
الجهات الرسمية تبرر الإغلاق لمقرات الإخوان بعدم الترخيص. أليس لمفهوم التقادم دور بهذا الخصوص وهم جماعة قائمة منذ السبعين عاما؟؟ لست بالقانوني لأفتي بهذا الأمر ولندعه للقانونيين لتوضيحه وتفسيره وبيان مدى قانونيته وشرعيته.
بالمقابل مالذي يمنع جميع من ينتسبوا للإخوان أن ينضووا تحت مظلة واحدة من خلال التوصل لتفاهم وتسوية توحدهم ويعمل الجميع لخدمة الوطن والدين بعيدا عن التشنج والتخشب اللذان أوديا بهم للإنشقاق والإنقسام بين مرخص وغير مرخص؟؟ لكن من خلال الممارسات والسلوكيات التي لا تقبل بالآخر هناك نسبة عالية من الأنانية والنرجسية صبغت الرأي العام بهذا الإنطباع ولم يحاولوا التغيير والتعديل للإلتقاء بمنتصف الطريق مع العامة ومع الدولة. فنهجهم يقول أنهم يملكون الحقيقة والأكثر أحقية بالحكم والأكثر شرعية للتنفذ والأكثر فهما للدين والأقرب للتقوى مما ولد لديهم قناعة بأن كل ما هو غير منسجم مع قناعاتهم وفكرهم فهو ضلال. من الصعب جدا قبولهم بالوسطية رغم وسطية الإسلام.
أما الحكومة وهي تغلق مقراتهم وتمنعهم من التجمع وانتخاب مجلسهم الشوري، تعيدنا للأحكام العرفية التي يفترض أنها غادرتنا دون عودة. الإغلاق بمثابة الملاحقة على ضوء اعطائهم الفرصة لتسوية أوضاعهم، لكن ما مدى قانونية ودستورية هذا الإغلاق؟؟ أليس هناك من هم جديرون بامتياز بالملاحقة والمحاسبة والمساءلة؟؟
الفساد له العديد من الأشكال والفاسدون لديهم العديد أيضا من الأذناب والتابعين الذين يمارسون فسادهم بوضح النهار كمن يدس السم بالدسم. فقانون لا ينصف صاحب الحق ولا يعطي الحق لصاحبه فهو قانون فاسد. من يحمّل خزينة الدولة دينارا واحدا بغير وجه حق فهو فاسد. مسؤول لا يقوم بواجبات وظيفته على أكمل وجه فهو فاسد ويجب أن يلفظ. رئيس وزراء يتجاوز الدستور ويحنث بقسمه ويعين من يشاء وبمواقع عليا إرضاءا لمحاسيبه فهذا امتداد للفساد وترسيخ له. ورئيس لا يضع المواطن والوطن على رأس أولوياته لا يستحق أن يتقلد أرفع المناصب ويسجل الرقم القياسي بعمر الحكومات.
مجلس نواب برئيسه وأعضائه يمررون قرارات حكومية لا تخدم الدولة والمواطن ولا تخدم حتى الشياطين هدفها التضييق والجباية ورفد أرصدة المتنفذين وتنفيع الأقارب والأصدقاء فذلك قوننة للفساد وشرعنة لاستمراريته لذا كان من الوجب حله ومحاسبة أصحاب القرار به. عندما تصل البغضاء بين رئيسي السلطتين التشريعية والتنفيذية بأن يقوم الأول برفع الجلسة أثناء حديث الثاني، ماذا يمكن تسمية ذلك؟؟ علما أنه كان مؤهلا لذلك منذ تقلده منصبه والثاني لا يقل استحقاقه عن الأول لسكوته وغالبية زملائه عندما مرروا الكثير من القرارات التي أجحفت بحق الوطن والمواطن ويكفي أن ارتفعت المديونية بعهد هذه الحكومة ستة مليارات دون المحاسبة أو تقديم توضيح يبرر مشروعية ذلك.
لو كان الخلاف بينهما بدافع الغيرة على المواطن والوطن لصنعا من شخصيهما بطلان ولتفهمنا حقيقة الخلاف ولوقف الجميع بصفهما. لكن الخلاف كان على خلفية التعيينات من الطرفين وزادها عدم التمديد لشقيق السلطة التشريعية لرئاسة الجامعة الأم. فالخلاف شخصي بحت وصراع على المنافع الشخصية. وما يؤلم هو عدم المساءلة والمحاسبة مما ينعكس غبنا على الناس ويزيدهم احتقانا. أليس هذا بفساد يحتاج للمحاكمة التي تزلزل مقاعدهم حتى يقذفوا خارج مظلة الدولة؟؟
ناهيك عن أسماء كدرت عيشنا وأوهمتنا بأن الخير سيعم وإذا بنا نصبح لنجد أن الكثير من المواقع والشركات الوطنية الرافدة لاقتصاد الأردن قد بيعت بأبخس الأثمان من قبل وزراء كانوا عابرين للوزارات ويتنقلون من وزارة سيادية لأخرى حازوا على الثقة المطلقة وكأنهم مرسلون من عند الله لا ينطقون عن الهوى. أسماء دنست مواقع كانت مؤتمنة عليها حتى أغرقت البلد بالديون ومررت أجندتها والرقابة مغيبة والمساءلة ممنوعة وها هي تصول وتجول طليقة حرة وتنتقد السياسات وكأنها لم تكن السبب بالفساد وانحدار الإقتصاد.
أليس هؤلاء جديرون بالملاحقة والمحاسبة لنعمل على تحسين اقتصادنا ورفع مستوى معيشتنا لنثبت جديتنا بالإصلاح وغيرتنا على الوطن والمواطن؟؟ وهؤلاء ما زالوا حجر عثرة أمام السير قدما بتحسين وترميم ما أفسدوه؟؟
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com