عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
previous arrow
next arrow

سبب رابع للعُزلة

هناك ثلاثة اسباب اصبحت تقليدية للعزلة قدر تعلقها بمهنة الكتابة، سبق ان عالجها ادباء وفلاسفة منهم البير كامو الفرنسي الذي قال في احدى قصصه ان الكاتب قد يضطر للاقامة في قفص خشبي معلق على شجرة، وبالفعل هناك شاعر امريكي اسمه غنزبورغ حقق هذا الحلم وقرر ان يعيش في قفص معلق على شجرة عملاقة, لكن العزلة تتيح لمن يختارها ان يرى الأبعد والأعمق ويحيط بالمشهد حوله على نحو بانورامي تماما كما اننا نضطر الى الابتعاد عن اللوحة كي نراها،  وحين نقترب منها ونلصق انوفنا بها لن نرى غير بقعة غامضة من الوانها ! ما اعنيه بالسبب الرابع للعزلة هو ما انتهت اليه هذه الفوضى التي اختلط فيها القمح بالزؤان والشحم بالورم واصبحت الثقافة شفهية تتشكل وتتراكم عشوائيا مما يسمعه البعض سواء من الفضائيات او من آخرين ذوي صلة بالثقافة اما ثالثة الاثافي كما كان اجدادنا يقولون عندما تستكمل الكوميديا عناصرها، فهي ان من يقول شيئا هو من صميم اهتمامه ومتابعته قد يجد نفسه في اليوم التالي وكأنه يردد قولا منقولا عن سواه . وقد تندفع الكوميديا الرمادية الى ما هو أبعد، بحيث يصدق المثل الشعبي القائل فوق حقّه دقّه على السكين الذي يتورط بابداء رأي او وجهة نظر سواء تعلقت بالسياسة او الثقافة، ولم يخطر ببالي ذات يوم ان هناك كائنات كالاسفنج حرفتها الوحيدة هي الامتصاص، او ما يقوله الفلاسفة عن المرايا التي لا محتوى لها غير ما تعكس صورته على سطحها! ان عصرا تطورت فيه القرصنة بكل مجالاتها، وضاعت فيه الحدود بين الاصل والشبيه والبطل والكومبارس هو عصر لا يؤتمن على شهوده وشهدائه