الوزير التائه
الوزير التائه
ان من الصعب ان تجد وزيرا تائها في دولة تحرص على مواطنيها وتهتم بموظفيها وتعمل من اجل توفير الحياة الكريمة لهم ولو فرضنا جدلا ان ذلك الوزير التائه وجد صدفة في تلك الدولة الجميلة فانه سيكون بمثابة النشاز وسرعان ما يتم الاطاحة به واستبداله باخر يسلك الطريق الصحيح باتجاه مصالح شعبه وموظفيه وما حصل مؤخرا في وزارة المياه وعندما تقرر خفض رواتب الموظفين من خلال الغاء الدوام الاضافي ومحاولة الموظفين الاعتصام السلمي في البداية تعبيرا عن مطالبهم والظلم الذي تعرضوا له الا ان المسؤولين في تلك الوزارة وبأحجامهم المختلفة وصولا الى رئيس الوزراء وضعوا قطنا في اذانهم ورفضوا الاستماع الى مطالب خمسة الاف موظف وهذا الاصرار والتعنت الحكومي دفع باولئك الموظفين الى التصعيد والى خلخلة قوانين وضوابط المنظومة الحكومية الصحيحة حيث بدأت نماذج الرشوة القبيحة تتفاقم وتنتشر بين البعض حتى يتمكنوا من تغطية النقص المفاجئ في رواتبهم والذي تسبب به القرار الحكومي الجائر ولم يتوقف الموظفون عند هذا الحد بل قرروا ايقاف الضخ من ابار المياه الرئيسية وكان ذلك والذي نتج عنه تعريض الامن المائي الاردني الى الخطر والشعب الى التعطيش فما كان من الوزير الجديد الا ان قام باستدعاء ممثلين عن اولئك الموظفين في ساعة متأخرة من الليل والاستماع الى مطالبهم في منزله وهنالك ارتفع سقف مطالب الموظفين فلم يعد الرجوع للوضع القديم مقبولا لهم بل تم طلب استحداث علاوات اضافية لتحسين ظروف اولئك الموظفين في ظل سياسة التغول الحكومي في رفع الاسعار, وكان لهم ذلك ايضا , و انتهت الازمة بهذه الطريقة مخلفة بذلك دروسا يتوجب على الاجهزة المعنية في الدولة ان تقوم بدراستها وتحليلها والاستفادة منها مستقبلا بغية عدم تكرارها وقد حدثني احدهم انه وقبل ذلك القرار لم يكن هنالك موظفين اثنين يتفقون على صحن حمص الا انه وبعد افتعال تلك الازمة من دولة الرئيس والوزير المعني فقد تسبب ذلك في اتحاد جميع الموظفين من جميع المحافظات على نفس الهدف وغير ذلك من طرائق تفكير اولئك الموظفين وسيجعل التعامل معهم مستقبلا امرا صعبا وليس هينا كونه تم تعزيز سلوك الاعتصام وذلك بالموافقة على المطالب الشرعية لا بل وتحسينها وهذا يقودنا للاستنتاج الى ان الحكومة تتخبط في معظم قراراتها فلا يعقل لرئيس حكومة ان يعمد الى رفع مختلف الاسعار ويثقل اعباء المواطنين والموظفين وبنفس الوقت يغامر في تخفيض رواتبهم , ان مثل هذه القرارات لا تصدر عن حكومة تائهة فحسب فالحكومة التائهة لا يمكن ان تنحدر الى هذا المستوى المتدني من التفكير والتخطيط و القيادة وان الذي حصل يشير الى ان منسوب التخطيط الحكومي لم يكن راقيا ولا اريد ان اصف تلك القرارات الخاطئة بكلمات قاسية ولكنني اكتفي بالقول بان تلك الظاهرة قد تكررت مع حكومات سابقة ووزراء سابقين واخص بالذكر قضية المتقاعدين العسكريين عندما تعنتت الحكومة في البداية اتجاه مطالبهم على الرغم من توجيهات جلالة الملك الايجابية انذاك الا انها قامت بالاستجابة المتأخرة لاحقا وبعدما حدث ما حذرنا منه ووقع الفأس في الرأس .
اننا كشعب ما زلنا ندار ونحكم من قبل حكومات ووزراء معظمهم تائهون لا يسلكون الطريق الصحيح وقراراتهم عادة ما تكون خالية من التخطيط ولا تستقرئ المستقبل ولا تهتم باولويات الوطن والمواطن وبعبارة اخرى فهم يطيشون على شبر من ماء , انهم نفس الاشخاص , انها نفس الخبرات , انها نفس النماذج والطرائق الا ما رحم ربي من نسبة منخفضة غير مقبولة لا تمثل طموح الشعب واذا ما كنا راغبين بان نتجه نحو التطوير والنهوض بالوطن فعلى قادتنا ان يعيدو النظر في قراراتهم ويوزنوها قبل بيعها على الشعب لان الشعب لم يعد مسرحا للتجارب ولم يعد يحتمل ضنكا اكثر من ذلك , كفانا استهتارا واستخفافا بعقول الشعب وعلى الحكومة والمسؤولين ان يحترموا عقول الناس وطموحاتهم ويحدثوا نهجهم القديم والذي لم يعد لا صالحا ولا مواتيا لهذه الظروف التي نعيش واريد ان اذكر هنا ان القوانين الاقتصادية تجرم كل مسؤول يحمل الموقع الذي يديره خسائرا غير مبررة فكم من الوزراء التائهون لدينا حملونا الويلات والمليارات وهاهم مستمرون ولم يتم تحريك اي دعاوي ضدهم لا من قبل الحكومات اللاحقة لهم ولا من قبل حتى الشعب المتضرر سائلا العلي القدير ان يهدي صناع القرار لحسن اختيار الوزراء والمسؤولين لان ذلك سيكون اللبنة الاساسية على طريق الاصلاح والنهوض انه نعم المولى ونعم النصير.
العميد المتقاعد
بسام روبين