في ذكرى الكرامة: الجيش الذي يقف وحده
كنا في مواسم الغور الدافئة نمر من النصب التذكاري لشهداء الكرامة في الطريق الى البيت الصغير على طريق دير علا. وكنا ننعم ببوح هذا المكان الضليل المكتوب بحبر التاريخ فهذا وطن الشومات، وضع فيه ابو عبيدة قبره فكان طريق الفتح والشرف والكرامة. وها هي قيادة الجيش تكتب بأسماء ابنائه على الرخام الاسود ذكرى لن تمحوها الأيام. وكل جمعة.. كل عطلة رسمية يتجمع آلاف الناس الى جوار النصب. فالدرس الاول لكل طفل ان هؤلاء الذين يزورون هم النسغ الحي لشجرة الحياة في الوطن الذي يكبر كل يوم بالأمن والحب والكرامة .
لم تكن معركة الكرامة مجرد معركة كسبها الشجعان بعد حزيران. انها الكرامة المستردة بعد تمريغ الوجوه بالرغام. إنها الكرامة المستردة لجيش لم يكن استرد سلاحه المدمر. ولم يُعد بعد تشكيله الجديد، وما تزال قياداته لم تستفق بعد من الكابوس الذي تلبسه بقيادة غير اردنية اوجدت تعبيرا جديدا على الجندية الاردنية اسمه: الانكفاء العام. فليس في قاموس الاردنيين شيء اسمه الانكفاء العام. لانه لم يخسر معركة، ولم ينكفئ في مواجهة.. من يوم كان 4500 جندي في القدس وباب الواد والخليل وبيت لحم.. حتى احتل كل الشمال الفلسطيني بعد انسحاب العراقيين .
يوم الكرامة كانت القيادة في الساح، وحين جاء السفير الاميركي بعد الظهر يناقش في وقف اطلاق النار كان الجواب: ليس قبل رجوعهم الى ما وراء النهر .
ومنذ الكرامة، وجيشنا مستنفر حتى استرداد عمان والزرقاء واربد والرمثا، .. وحتى اخذ موقعه على الجولان مع جيش العراق لمساندة الجيش السوري في معركة تشرين .
.. وها هو جيش الكرامة. وحيداً في الساح في سوريا الكبرى.. بعد ان استحال إلى قوة غلاّبة ليس مثلها في الوطن.
وسلام على شهداء الكرامة. سلام على قادتها سلام على شعبنا الذي عاش أيامها المجيدة.. فقد كنا في عمان نسمع مدافعه الثقيلة على جبال السلط. وكان الجنود يرددون: تسمعون عنا ولا تسمعون منّا .