كشف المستور !!
ما اكثر الاخطاء الشائعة في حياتنا لكن اخطرها هو ما يتعلق بتكوين الشخصية بدءا من الاسس التربوية، وما تعج به من تناقضات بين المقروء والمسموع المرئي والمتخيّل ، فما يتلقاه الطفل نظريا من ذويه وجيرانه ومدرسته يشاهد ما هو على النقيض منه، وذلك هو جذر الشيزوفرينيا التي تحولت من اصابات متفرقة للافراد الى ظاهرة وبائية، ورغم ان البعض يستشهدون بعبارة لأرسطو هي ان الانسان حيوان سياسي فإن معظم الأزمات التي تطحن العالم العربي الان ليست سياسية بالمعنى الدقيق وما يطفو على السطح خصوصا في حالات الاستنقاع الثقافي والاجتماعي هو طحالب وسرخسيات انتجها التعفن في الاعماق، ولو شئنا قدرا من الشجاعة والدقة فإن ما يحدث الان من احتراب اهلي هو تجليات لحالات فردية، فالطبقة السياسية ليست من كوكب آخر، بل لها المكونات والتربويات ذاتها وكل ما في الامر ان هؤلاء اتيح لهم ان يكونوا تحت اضاءة ساطعة كما اتيح لاخطائهم ان تصبح خطايا لأنها تطال مصائر انسانية وقضايا قومية . ولو قرأ العرب القليل جدا مما كتب عن الجانب السايكولوجي في حياتهم لتغيّر المشهد تماما، لكن كتابات من طراز الذات العربية الجريحة لعلي زيعور والمجتمع العربي الباترياركي لهشام شرابي وتكوين الشخصية العربية لسيد ياسين اضافة الى اعمال د . علي الوردي و د . جلال أمين وآخرين بقيت حكرا على الاكاديميين وذوي الاختصاص رغم انها ترتبط على نحو عضوي بالناس جميعا . فما يصدر عن ساسة وقادة فسائل وليس فصائل له جذور تربوية وثقافية ولأن فاقد الشيء لا يعطيه فإننا ننتظر عبثا من شهاب الدين العربي ان يكون نلسون مانديلا، لأن ثقافة الثأر والتربص والكيدية وظلم ذوي القربى قادرة على شيطَنة القديسين . ان ما يتحدث عنه معظمنا ليس سوى الجزء الناتىء من جبل الجليد في محيط من الدم لا الماء ! وكشف المستور يتطلب ما هو أبعد من الشجاعة، او تعليق الاجراس، انه يتطلب مرسلا اليه يتلقى، لأن رنين النحاس في كل ارجاء هذا الكوكب لا يصل الى من سدوا آذانهم بالطين والعجين !! –