عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

ضد الغير- على الحياة؟!

 

كتب: بشار جرار

أكرس هذه المقالة أيضا لروح شهيدنا العريس حمزة الفناطسة، متقدما من مقام أمه الصابرة، بأصدق وأحر العزاء، ويشمل -فيما يشمل- صديق عمره «الروح بالروح»، بدرا.. بارك الله في شيوخ الفناطسة ورجالات معان الكبار الذين قرروا قبل أخذ العطوة، رفض أي إجلاء لأي من أسرة وعشيرة «القاتل»-المحب، الذي أراد فرحا فصار ترحا، بسحب «أقسام» انفلتت منه رصاصة طائشة، آثمة.

فمن يقينا نيراننا الصديقة؟!قدّمت أمس ما أراه الحل ليس في هذا النوع من المصائب -الذي انبرى له الشعب بأسره تنديدا وتعزيرا- وإنما بما وصفته قتلة الأردنيين وضيوفهم، وهي إلى جانب عيارات»الفرح»، سيارات «الدهس والصدم» والتدخين -ذلك القاتل حتما ولو بعد حين- الذي يشمل جميع درجات الإدمان وأشكاله، بما فيها السموم المسماة المخدرات.

لم أعرف في مستهل حياتي المهنية التأمين كقطاع اقتصادي وكانتفاع اشتراك شخصي إلا بعد اقتناء أسرتي الصغيرة أول سيارة. عرفت يومها بعض أنواع التأمين والفوارق بين امتيازاتها -واجبات وحقوقا- ومنها التأمين الأكثر رواجا وهو التأمين ضد الغير، والتأمين الأكثر شيوعا في بعض الدول، وهو التأمين الإلزامي الشامل.

طبعا لكل ثمن وقسط شهري، ما عرفناه في بلادنا إلا ثابتا فأضفناه إلى قسط السيارة!وكم تفاجأت في بريطانيا ومن بعد أمريكا، بأن التأمين صناعة قائمة بذاتها، لها فلسفتها وصنوفها.

ما عادت فكرتي عن التأمين سطحية مسطحة تدور بين حجري رحى، بين رافض التأمين انطلاقا بألا ضامن سوى الله ولا عوض إلا منه وبه سبحانه. وبين الوصية النبوية الشريفة «اعقلها وتوكّل».

إيماني بصحة القاعدتين مطلق ولله الحمد، ولكن..كم بهرتني تفاصيل بعض ما عرفته عن قسط التأمين مثلا على السيارة. في كلا البلدين تلعب الولاية، المقاطعة، حتى الأحياء وبعض الشوارع، دورا حاسما في مدى كلفة قسط التأمين.

المعيار الطاغي هو الأمن ومؤشره صادر من الشرطة بحسب تقاريرها اليومية، ليس من حيث المخالفات والجنح والجنايات بل حتى مدى تلقي قسم النجدة والشكاوى، مكالمات استدعت عمليات تدخل أمني وإنقاذ، بل وحتى مجرد متابعة بلاغات النزاعات الخطية والهاتفية التي تشمل التبليغ ضد جيران أحدثوا ضوضاء في احتفالات راقصة على إيقاعات تجاوزت في ضوضائها عدد وحدات قياس الصوت «ديسيبيل»! أو الساعة المسموح بها ليلا، وعدد أفراد المشاركين بها؟!

تمكنت عبقرية الإدارة -إدارة الاقتصاد والأمن الواعية الشاملة- من ربط القطاعات ببعضها البعض، ربط المفاهيم بالسلوكيات، ربط المصالح -مصالح الأنا والآخر- بأدوات ناعمة تضبط إيقاع رسالة بليغة بالغة للجميع، وهي أن التزم تسلم، التزم تغنم.. بدلا من دفع قسط تأمين عشرين دينارا مثلا شهريا تدفع دينارين فقط. والكل مستفيد بما فيه أصحاب العقارات والمستثمرون بها، حيث يرتفع ثمنها وقسط تأجيرها كونها تقع في أحياء آمنة وادعة.بطبيعة الحال، الخير يعم، حيث يأخذ المستثمرون بمن فيهم شركات السياحة تلك التقارير بعين الاعتبار، وهي لا تقف فقط عند أقسام الشرطة بل والطوارئ في المستشفيات العامة والخاصة. ومن القطاع الصحي طبيا وصيدليا.. يعدّ المدخن ألف مرة قبل أن يستمر في الإدمان على التدخين لأن قسطه الشهري في التأمين الصحي -حكوميا كان أم خاصا- سيرتفع.

فيما يحارب مجرد تعاطي الكحول وليس الإدمان عليه أو على المخدرات، عبر أدوات ناعمة وخشنة تشمل التوظيف والترقية في القطاعين العام والخاص، وإن كان في بعض الأحيان بقوة العرف لا القانون -وهو أقوى- خشية من مقاضاة شؤون الموظفين بالتمييز ضد فئة من المرشحين أو الموظفين.

حتى المرشح «المدق دق» بمعنى من ارتضى الوسم أو الوشم، يخضع لأدوات تعديل المفاهيم وبالتالي السلوك، بقوى متدرجة من العرف إلى القانون وتلك رسالة إلى البرلمانيين.

يشمل ذلك القطاعين العام والخاص، حيث يشترط البعض عدم وجو د «تاتو» بمكان ظاهر على الجسم عند ارتداء الزي الرسمي أو لباس العمل.

والبعض تصل فلسفلتهم وسياساتهم الإدارية بالضوابط إلى حد تحظر فيه ارتداء أي قميص عليه عبارة أو كلمة قد يستدل منها موقف لربما يأخذ على أنه إبداء للرأي أو تحشيد لقضية، حتى وإن كانت دينية أو وطنية.كم نحن بحاجة لتأمين شامل لا ضد الغير، على الحياة.

حياة كلها نعم وبركات، فنحن نستحق.. هكذا أفهم وأحيي كلمات أيقونة الأغنية الوطنية في مشرقنا العظيم، رائعة شاعرنا الكبير إبراهيم طوقان، «موطني».. سالما منعما وغانما مكرما..