0020
0020
previous arrow
next arrow

لو تكلمت الوسائد!

0

لو تكلمت الوسائد المبللة بالحكايات، ماذا عساها تقول، ونحن في شرقنا، محتبسون في البوح، فلا نكاد نتنفس إلا همسا ضمن ظروف خاصة، غالبا ما تجلب الشبهة، كأن بيننا وبين قلوبنا خصام أزلي، علما بأننا أكثر من يردد أن: الصراحة راحة! وما هي كذلك، فلا صراحة مع الخوف، والخوف في شرقنا، نربيه معنا، كما كانت تربي أمي الحمام، تعتني به، و»تعلفه» كل يوم، وتحرص على تزاوجه، ورعايته، لأنه –أعني الخوف- جزء منا، إن لم نكن نحن جزء منه، ولعل أغرب أنواع الخوف، الخوف من الفرح، ! حيث يحتج أعداء الفرح بالآية الكريمة التي وردت في سورة القصص، آية 76:  إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ  والتي جاءت في سياق قصة قارون (إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) والمراد كما يقول العلماء، بذلك الفرح الذي يصحبه الكبر والبغي على الناس والعدوان والبطر، هذا المنهي عنه، فرح البطر والكبر، أما الفرح بنصر الله وبرحمته ونعمه وإحسانه فهذا مشروع؛ كما قال الله عز وجل: قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (58 سورة يونس) فالإنسان يفرح بالخير الذي يصيبه، والسعادة التي يجدها، ولا يهرب منهما، أما الفرح المذموم فهو الفرح الذي يصحبه الكبر والتعاظم والبطر واحتقار الناس! وثمة من يخشى على نفسه من «الفرح» أو أن يحب شخصا ما، بحجة أنه سيفارقه يوما ما! أذكر الحاجة الوالدة رحمها الله، كانت تقول حينما تضحك ونضحك فوق «المستوى المقرر!»، الله يسترنا من هالليلة! ولهذا نادرا ما رأيت أمي تضحك، يا دوب كانت تبتسم، وحتى حينما كانت تبتسم تداري ابتسامتها بـ «الخرقة» التي كانت تلبسها بشكل دائم حتى وهي نائمة! -2- وعن الوسائد، أيضا، والوسائد المبللة بالشجن، فغير بعيد عن عيد الحب، أو العشاق، العشاق الكبار، كتبت ذات يوم: أولئك العشاق الكبار، الذين نادرا ما جاءت كلمة  حب  على ألسنتهم، لكنهم كانوا ينثرونه حيثما حلوا، في شهقاتهم حينما كنا نتعثر، وانتباهتهم ليلا حينما يسمعون أنة أو توجعا منا، وفي لهفتهم حينما كنا نعود حليقي الرؤوس من المدرسة، وقد هدنا الجوع، وفي سهرهم الليالي الطويلة عند رؤوسنا حينما تهاجمنا الحمى، وكم كانت تهاجمنا لـ  فرط  العناية الصحية الفائقة، وفي تلك القبلة التي كانوا يطبعونها بحنان غامر على موطىء الألم حينما يصيبنا، فنشعر وكأن تلك القبلة على «الواوا»، والهواء الناعم الذي ينفخونه علينا، الترياق الشافي، هؤلاء، العشاق الكبار، لم يكونوا يعرفون عيد الحب، وليس للحب عندهم يوما، لأن كل أيامهم حب، وعطاء لا ينتهي! –