أسطورة ”قناص الخليل”

وكالة الناس – من شرفة الطابق الثالث بمنزل عائلة البدوي (أبو سنينة) بمدينة الخليل، يدّعى جهاز “الشاباك” الإسرائيلي أنّ الشقيقين نصر (23 عاما) وأكرم (33 عاما) حوّلا شقّة قيد التشطيب إلى موقع لقنص واستهداف عناصر جيش الاحتلال وقطعان مستوطنيه في باحات المسجد الإبراهيمي.
ويقع منزل العائلة في التلّة الغربية المطلّة على باحات المسجد الإبراهيمي وأنحاء البلدة القديمة، ويطلّ مباشرة على الشوارع التي يسلكها المستوطنون، وعلى الأهداف العسكرية للجيش ويقابل مستوطنة “كريات أربع”، كحال بقية الأحياء السكنية الفلسطينية الواقعة بقلب مدينة الخليل، ويبدو أنّ هذا الأمر ساعد الشقيقين البدوي على تنفيذ عملياتهما.وتبدو داخل الشّقة عمليات تخريب وعبث نفّذها الاحتلال مؤخرا، في عدّة مرّات اقتحم فيها المنزل، واعتقل الوالد وأربعة من أبنائه، قبل أن يفرج عنه ويبقي على اعتقال أبنائه نصر وأكرم وماهر وأسامة، القابعين جميعا في مراكز التحقيق التابعة للمخابرات الإسرائيلية.

وسمحت الرقابة الإسرائيلية بعد ظهر الاثنين بنشر نبأ اعتقال خلية عسكرية بمدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة، كانت مسئولية عن عدة عمليات إطلاق نار وقنص مؤخراً ما تسبب بإصابة 4 جنود ومستوطنين.

وزعمت القناة العبرية السابعة أن أعضاء الخلية وهما الأخوان نصر وأكرم بدوي اعترفا خلال التحقيق بتنفيذ أكثر من عملية وجرى تسليم سلاح قنص مصنع يدوياً استخدم بالعملية بالإضافة لسلاح من نوع “كارلو”.

ولا يزال الوالد يشكّك برواية الاحتلال التي تدين أبناءه، لافتا إلى التحقيق المذل والهمجي الذي تعرّض له خلال ثمانية أيام اعتقل فيها بذريعة البحث عن أسلحة ومحاولة اتّهامه بتقديم الأموال لأبنائه، لكنّه أشار إلى أنّ تحقيقا “عسكريا” أعنف، تعرّض له أبناؤه داخل أقبية الزنازين الإسرائيلية، من شبح لأيام وضرب متواصل، قد تكون دفعتهم للاعتراف قسرا تحت التعذيب.

فخر بالأبناء

ورغم تشكيكه برواية الاحتلال، يبدي “أبو ماهر” في حديثه لوكالة “صفا” مواقفه المناهضة للاحتلال والمؤيّدة للنهج المقاوم، قائلا “نحن كفلسطينيين أصحاب حقّ، وهذا قدرنا ولا بد لنا أن نؤمن به”، مضيفا أنّ إجراءات الاحتلال وتهديداته للعائلة لا تخفيها.

ويلفت إلى حالة الإذلال التي يتعرض لها المواطنون في المنطقة الجنوبية لمدينة الخليل القريبة من المسجد الإبراهيمي حيث مكان سكنه، موضحا أنّه يذهب لأداء الصلاة بالمسجد، لكنّ أبناءه يتعرضون لاعتداءات الاحتلال وإجراءاته، وعمليات الاحتجاز والإذلال.

ويرى أنّ ما يجري من ردود فعل فلسطينية لا تتعدّى أسبابها الممارسات الاستفزازية التي ينفذها جيش الاحتلال بحقّ المواطنين الفلسطينيين، من اعتداءات على المسجد الأقصى وعمليات إذلال على الحواجز واعتقالات تتواصل، وهذا الأمر الذي يفرض على الشّبان عدم الالتزام بالصمت، وعدم الاكتراث لتخوفات الأهل، ويتوجّهون نحو مقاومة الاحتلال للرد على إجراءات الاحتلال.

ويقول “نحن نؤمن بعدالة قضيتنا ونحن أصحاب حقّ… وأبنائي ليسوا أغلى من الشهداء والأسرى والجرحى، وإن ثبت تنفيذهم لعمليات القنص فإنّ العائلة تعتبره واجب كلّ فلسطيني”.

طمأنة للمستوطنين

من جانبه، يرى الباحث في الشؤون العبرية هاني أبو سباع في حديثه لوكالة “صفا” أنّ الاحتلال يحاول إيصال رسالة طمأنة إلى المستوطنين القاطنين في محيط المسجد الإبراهيمي أنّهم ألقوا القبض على “قناص الخليل” الذي شكّل مصدر إرباك وخوف شديد عايشوه خلال الأحداث الأخيرة، خشية من استهدافهم أثناء تحركهم في محيط المسجد.

ويعتقد أنّ إعلان “الشاباك” هذا مفاده أنّ الأمن والأمان للمستوطنين في هذا المكان ما زال كبيرا، رغم حالة الخوف الشديد، ورسالة أخرى للمقاومة أنّ المجموعات العسكرية لن يطول العمل من خلالها، وأنّ هناك سهولة للوصول إليها من جانب أجهزة الاحتلال الأمنية.

لكنّ أبو سباع يؤكد أنّ هناك حالة من الفشل الاستخباراتي لدى الاحتلال في هذا الصدد، خاصّة وأنّهم لم يكشف عن منفذي عدد من عمليات القنص الأخرى التي جرى تنفيذها في هذا المكان، كقتل الجندي كوبي قبل نحو عامين، وعملية قنص أحد الجنود في مفترق بيت عينون شمال مدينة الخليل قبل نحو شهرين.

ويبين بأنّ الخوف الذي يسيطر على أجهزة الاحتلال الأمنية، هو الخشية من تحول أحداث “انتفاضة القدس” إلى استخدام السلاح، من خلال حرق المراحل من الحجارة والزجاجات الحارقة إلى مرحلة استخدام السلاح وهذا ما يخشاه الاحتلال.صفا