شجاعة وأخلاقيات القيادة
فشلنا في حضور دعوة الجمعية الاردنية للعلوم والثقافة للاستماع للاخ العزيز د. احمد الطيبي في محاضرة حفلت بالجديد المثير كمحاضرته الثمينة في اكثر من محفل اردني.
تحدث د. الطيبي عن قرار الاردن بفتح ابواب جامعاته امام فلسطينيي الجليل والمثلث والنقب، وكانت أرقامه مذهلة، وهي – كما يقول-تجسّر الهوة بيننا وبين المجتمع اليهودي. فالأردن هي الرئة التي يتنفس منها ما نسميه «بعرب اسرائيل».
يقول د. الطيبي: إن مجلس التعليم العالي الإسرائيلي يؤكد أن النسبة الأكثر نجاحاً في البورد الاسرائيلي لتخصصات الطب والصيدلة هي للطلبة الذين تخرجوا من الجامعات الاردنية.
ويقول: إن الفضل في انتعاش التعليم لدى عرب الداخل يعود الى الاردن الذي كان خياراً اول لعرب 48. وان 96% من طلبة الداخل هم من خريجي الاردن، وما تبقى هو من اميركا والمانيا ودول أوروبية تليها مولدافيا.
ويشير د. الطيبي الى اسباب هذه «الصلة» بين فلسطينيي الداخل وبين الاردن، فلا تخرج عن الصلات التقليدية التي نرددها في المناسبات، لكنه لم يأتِ على السبب الرئيسي في اقامة هذا الجسر العظيم بين الاردنيين والفلسطينيين كما حققته القيادة الاردنية منذ ما قبل 1948:
– بوحدة الضفتين التي يحب الاردن ان يسميها بتوحد الاردن في القضية الفلسطينية.
-.. ثم بالسماح لمسيحيي الجليل والمثلث والنقب لزيارة المقدسات المسيحية حتى حرب عام 1967، في الوقت الذي كان فيه «المد القومي» يثير ابشع النعوت الى الأهل تحت الاحتلال الأول.
– ثم السماح لهم بالحج الى الاماكن المقدسة في مكة والمدينة بجوازات سفر اردنية، وترتيب اردني مع الشقيقة السعودية.
-.. ثم السماح لطلابهم بالدراسة في الجامعات الاردنية.
وانها يا صديقي د.الطيبي شجاعة عبدالله المؤسس وشجاعة الحسين في ممارسة قناعاته القومية باحتضان كل ما هو فلسطيني دون الاهتمام بالسخف، والاتهامية، والتخوين التي قامت عليها السياسة العربية، منذ ان تعاملت هذه السياسة مع القضية الفلسطينية.
نحن نعرف هوية الحياة في ظل دولة عنصرية معادية للآخر، داخل فلسطين وخارجها، ونعرف ان الصمود الفلسطيني في مواجهة الاحتلال والقمع هناك.. وهناك كان صموداً، مذهلاً بكل المقاييس، ولذلك اختارت القيادة الاردنية الاصطفاف الى جانب هذا الصمود بغض النظر عن الكلام الفارغ.
في احدى الرمضانيات، دعانا الديوان الملكي العامر الى الافطار مع رؤساء البلديات وأعضاء الكنيست العرب في اسرائيل، وهالنا ونحن نتناول الطعام هذا الحجم من الوطنية الفلسطينية، كما تعرفنا اليها لدى فلاحي طولكرم وجنين والخليل ونابلس، وهذا الحجم من الطيبة والشجاعة الاخلاقية.
نحب ان نستمع دائماً للدكتور الطيبي، فهو لا يكذب أهله.