العصفور !
هناك مثل معروف يقول ” عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة ” للدلالة على أن القليل مما تملكه أو تملأ يدك منه خير من كثير لست تملكه ، ولا بد أن هذا المثل جاء على لسان صياد يصطاد العصافير أو الفرص ، ولكنه درج على لسان الجميع للتعبير عن الواقعية أو لمواساة من فشلوا في اقتناص فرصة بدل أن يقتنصوا عشر فرص !
نتحدث كل يوم عن فرص الاستثمار التي تشبه العصافير عندما تحط على شجرتنا ، وما تلبث أن تطير لأسباب نعرف بعضها ، ونجهل بعضها أو نتجاهلها ، ولكننا نجمع على أن أسلوبنا في التعامل مع تلك الفرص هو السبب الذي يعفينا من التفكير في الأسباب الحقيقية ، فتلك حالة متكررة منذ زمن طويل ، رغم الجهود المبذولة لجذب الاستثمارات العربية والأجنبية ومن بينها احتضان المنتدى الاقتصادي العالمي ” دافوس ” الذي كاد يستوطن منطقة البحر الميت وقد جاء إليها من أعالي الجبال .
في كل جلسة نجلسها مع مسؤوليين حكوميين حاليين وسابقين ، ورجال أعمال يتكرر الكلام نفسه عن قوانين تشجيع الاستثمار ، والميزة التنافسية ، ليفضي الحديث إلى الفرص المهدورة وسوء الإدارة ، وعقدة العلاقة بين القطاعين العام والخاص ، وغير ذلك من كلام مكرر ، ولا ينتهي الحديث حتى يقول أحدهم ” كفى بالله عليكم ، غيروا الموضوع ” وهكذا !
أعود إلى العصفور الذي في اليد ، وأسأل ، ألسنا نعرف أن عصافير المنطقة المحيطة بنا هاربة من أزيز الطائرات الحربية ، وضجيج المدافع ، وصليل الرصاص ، وأنه من الطبيعي أن تأوي إلى شجرتنا الوارفة الظلال ، تحط فوقها آمنة محمية ، ما لم يقذفها جاهل بحجر ؟
وماذا يحتاج العصفور الذي في يدنا أكثر من أن نحسن معاملته ، ونمنحه المزيد من الدفء والأمان ، ونعتني به كي يكبر ويغرد ، ويتكاثر من خلال عملية تزاوج بين المكونات والمعطيات التي تجعل من الإستثمار القائم حاليا ، والذي تنامى نموا معقولا رغم الظروف الإقليمية والدولية الراهنة إستثمارا ناجحا وواعدا ؟
حتى هذا الذي بين أيدينا لا نحسن إدارته بالصورة الصحيحة ، وأخشى أنه يفقد من ريشه كل يوم !