الحكومة طاردة للاستثمار
الحكومة طاردة للاستثمار
يبدو ان الحكومة ما زالت تصر ان تغرد خارج سرب الشعب والملك بدليل ما ينتج عنها من ممارسات عديدة ولا اقصد هنا كل من يعمل في الحكومة بل على العكس هنالك من الموظفين المخلصين والجاذبين للاستثمار والذين يقومون بواجباتهم على اكمل وجه وهنالك ايضا اجهزة امنية تحركت في هذا السياق واستحدثت دوائر ترعى الاستثمار وتحث عليه وعلى سبيل المثال هنالك جهاز الامن العام والذي قام باستحداث وحدة لتشجيع الاستثمار في ادارة الامن الوقائي والواجب الرئيسي لهذه الوحدة هو تسهيل شؤون المستثمرين وتشجيعهم على الاستثمار ومنع الانفس المريضة من التعرض لاولئك المستثمرين واعتقد ايضا ان دائرة المخابرات العامة دفعت في نفس الاتجاه بغية تحقيق توجيهات جلالة الملك المتمثلة في تشجيع الاستثمار ففي معظم لقاءات جلالته خارج الاردن يحاول الالتقاء على هامش تلك الزيارات بالمستثمرين وتشجيعهم للاستثمار داخل الاردن الا ان الحكومة ممثلة بالرؤساء وبعض الوزراء تخالف هذا التوجه في معظم الاحيان وذلك من خلال البيروقراطية العالية جدا ومن خلال احتفاظها ببعض الموظفين وتكرارها لبعض الوزراء والذين يعمدون لمشاركة المستثمرين بنسب متفاوتة واذا ما اعتذر ذلك المستثمر او لم يتجاوب لذلك التلميح فان النتيجة تتمثل في وضع المعاملة فوق صواني المكاتب الى ما شاء الله وهذا الاسلوب الطارد للاستثمار عادة ما يسبب مللا واحباطا للاخوة المستثمرين مما يقودهم لاتخاذ قرار الرحيل باستثماراتهم الى الدول الجاذبة للاستثمار واود ان اذكر مثلا و لا حصرا الجامعة الملكية للعلوم الطبية حيث تم توقيع اتفاقية شراكة ما بين الخدمات الطبية الملكية وما بين احد الاخوة المستثمرين من العراق الشقيق وبرعاية ملكية سامية وبنسبة ربح تصل الى 33% لصالح الحكومة الا ان هذا المشروع وعلى الرغم من سنين مرت على توقيعه لم يكتب له النجاح بعد فهو ما زال يمشي كالسلحفاة ما بين مكاتب المسؤولين في وزارة البلديات ولم يتم اصدار التراخيص الخاصة به حتى هذا الوقت وها هو المستثمر بدأ يتململ ويتندم لدخوله في هذا المشروع وقد تصل به الامور اذا ما استمر عليه الحال الى الغاء هذا المشروع والانتقال الى بلد اخر جاذب وكما كان قد حصل من قبل مع احد المستثمرين الاردنيين والذي كان يرغب بتشغيل قطار يربط بين الزرقاء وعمان وبدون تحمل الحكومة اية اعباء مالية بل على العكس لو كتب لهذا المشروع النجاح لانعكس ايجابا على المواطنين ولارتقى بالحالة الاردنية درجة الى الاعلى ولكن النتيجة كانت محزنة للغاية فقد ارتحل هذا المستثمر من عمان الطاردة الى دبي الجاذبة حتى انه نقل مكاتبه واقال الموظفين فبدلا من ان يساهم في معالجة البطالة اجبرته الحكومة على ان يرفد البطالة والتي تعودت الحكومة ان تزور ارقامها وتخفض من نسبتها امام الراي العام الاردني خادعة ومضللة له
انني لا استطيع ان اتوقع متى ستستيقظ الحكومة من سباتها العميق ومتى ستتفاعل مع توجيهات جلالة الملك ومتى ستضرب وتقطع يد كل موظف يقف في وجه الاستثمار او يعيق حركته او يخون الامانة التي اسندت اليه , و اعتقد ان الحكومة واذا ما توفرت لها النية الصادقة لتحسين ذلك المشهد فان هذه الصورة القاتمة ستتغير ولكن المعطيات الحالية والاسماء الحكومية المتداولة الان لا تبشر بخير القادم و المستقبل بل على العكس ستبقي ملفات الاستثمار والتطوير في صواني المسؤولين وستزيد البيروقراطية وستستمر في مكافئة المسؤولين الطاردين للاستثمار , انظروا الى دبي اين كانت وكيف اصبحت !!! , انظروا الى ماليزيا ايضا , هنالك قصص نجاح متعددة ومن المؤسف والمحزن انه لا يوجد لدينا مسؤول حكومي لم تجوله الحكومة في جميع انحاء العالم لكي يشاهد ويتعلم ويقتبس كل ما هو مفيد ويطبقه لدينا ولكننا لا نستثمر من ذلك الا الشيء اليسير فنحن متخصصون في استثمار اي مشروع لمصالحنا الشخصية بعيدا عن مصالح الشعب والوطن فها هم بعض اعضاء مجلس امناء الجامعة الطبية ومنذ اليوم الاول يعينون اقربائهم في المواقع القيادية لتلك الجامعة وبرواتب خيالية وينتهي دورهم بعد ذلك ولم يهتموا بالاستعجال لانهاء هذا المشروع الوطني الحيوي الانمائي, اما ذلك المستثمر فانني اشكره وارجو له مزيدا من الصبر والامل عل الله ان يغير ما بأنفسنا ونتجاوب ونتفاعل مع كل ما فيه خير للوطن والمواطن ونبتعد عن الشخصنة وحب الذات , سائلا العلي القدير ان تكون هذه الكلمات محفزا لنا جميعا في المحافظة على المشاريع الوطنية وتشجيع الاستثمار بغية النهوض بالوطن ومعالجة هموم المواطنين
العميد المتقاعد
بسام روبين