البوابة الثقافية ؛ الصحة النفسية وأثرها على حياة الأفراد والمجتمع
في محافل دولية مُختلفة ، وعبر الكثير من الوسائل ، تعترف منظمة الصحة العالمية ، بأنَّ الإستثمارات الموجهة لدعم الصحة النفسية ، لا تتناسب مع مساحة وأهمية الصحة النفسية في حياة الأفراد .
ويُعتبر هذا الإعتراف بوصلة يجب أن توجه الأفراد والموسسات والحكومات ، إلى العمل على إتخاذ خطوات ملموسة لدعم الصحة النفسية ، وإيجاد برامج مُتخصصة لدعم الفئات التي قد تُعتبر في خطر ، جراء عوامل بيئية وإجتماعية من المُسنين وذوي الإعاقات المختلفة ، وغيرهم من الفئات المحرومة إجتماعياً .
ولا ننسى بكل تأكيد ، المنكوبين ومصابي الحوادث ، وضحايا الحروب والكوارث الطبيعية والمُحيطين بهم ، ممن عايشوا الحوادث الصادمة ، والتي يُصادفها كل فرد مره واحدة في حياتهِ على الأقل ، حيث يصل نقطة اللاعودة ، ويحتاج فيها إلى مُساعدة نفسية ذاتية وإجتماعية مُتخصصة .
كما أنَّ الأعباء اليومية ، الروتين ، المُهمات ، الضغوطات ، جميعها عوامل تعرية للجوانب السلبية في حياة الفرد وذاته ، تُعري هشاشته وتقتحم توازنه ، وتكشف عن نقاط ضعفه وقوته ، وتخلق في حياته الإنعطافات ، لذا فمرور الفرد في يومياته يُسبب له آثار سلبية نسبية .
وللعوامل الوراثية والبيولوجية ، دورٌ مهم وأساسي في الإضطرابات وتدني مستوى الصحة النفسية ، وبسبب التغيرات الدورية في حياة المرأة منذ البلوغ ، وأيضاً لما للحمل والولادة والرضاعه وأعباء الأمومه من آثار مباشرة على صحة المرأة النفسية ، لذلك فإنَّ العناية بالصحة النفسية ؛ للمرأة في المُجتمعات التي تُعاني فيها من مشكلات نفسية وإجتماعية ، وأيضاً للأفراد في البلدان المنكوبة ، وللناجين من الحروب والويلات ، ولسُكان الدول النامية والفقيرة ، بالإضافة للأيتام والفقراء ، هي ما يجب أن يُدرج على رأس قائمة أولويات الدول .
كما أنَّ دعم الصحة النفسية يزيد من الإنتاجية ، ويُحسن من أداء الأفراد في كل المجالات وعبر كل المستويات العمرية ، كما يزيد من الإبداع ، الذي يبرُز في المُجتمعات الصحية التي تضع الإنسان وصحته النفسية على رأس أولوياتها ، لذا فالإهتمام بالموظفين واتخاذ إجراءات ملائمة لتحسين أدائهم ، سوف يزيد من صحتهم النفسية ، مما يعود ذلك على الموظف بآثار إيجابية ، صحية ونفسية ، وبالتالي سوف تزيد الإنتاجية ، وبالمقابل سوف تقل الإجازات ، والإجراءات التأديبية .
أما بالنسبة لأهمية الصحة النفسية في حياة الرجل والمرأة ، فالإهتمام بالصحة النفسية للمرأة في فترة البلوغ والزواج ، وأيضا أثناء الحمل وبعد الولادة ، وفي تقدم العمر ، سوف يزيد من كفاءتها ومستوى أداءها في نشاطاتها اليومية ، ومع أفراد الأسرة ، وفي دورها كأم ناجحة مُتزنة ومستقرة ، تتعامل مع الآخرين بإيجابية ، وترعى أبناءها بحُب وإهتمام ، قد تحرمها الإصابات النفسية من الإستمتاع بها ، وتحرم أطفالها أيضاً من الإهتمام والرعاية .
أما بالنسبة للرجل ، ففي تقدم عمر الرجل ، وأثناء فترات حياته المُتعاقبة ، وإنتكاساته المختلفة إجتماعياً أو مهنياً ، فإنه يحتاج إلى رعاية وإهتمام من المُحيطين به ، فلذلك كله ، فحقيقة الصحة النفسية وأهميتها في حياة الأفراد ، هي حقيقة لا بد أن نعيها ، وأن يعيها المُجتمع ، وأن تُبادر المؤسسات المختلفة بتطوير برامج لرفع مستوى الوعي والتثقيف والتأهيل ، لتزيد من كفاءات الأفراد ، بالتكيُّف وإدارة العلاقات الإنسانية ، والقيام بالأدوار الإجتماعية بكل كفاءة ونجاح .
* الأستاذة الدكتورة نيفين أبو زيد / دكتوراة في علم النفس التربوي .
* منشورات ” البوابة الثقافية ” / أكاديمية أبناء المملكة .