0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
previous arrow
next arrow

الحابل والنابل !

عندما شرعت في كتابة هذا المقال ، كانت الأنباء تتحدث عن دخول قوات تركية إلى محافظ نينوى شمال العراق عند حدود إقليم كردستان المحاذية لسوريا ، حيث اعتبرت الحكومة العراقية ذلك انتهاكا لسيادتها ، مطالبة تركيا بسحب قواتها على الفور !

تركيا تحدثت عن عملية تبديل لقوات تقوم بتدريب قوات البيشمركه الكردية منذ أكثر من عامين ، وما ليس واضحا هو أين يتم التدريب بشكل محدد ، وإلا لماذا تحتج الحكومة العراقية ، والأهم من ذلك ما هي الحدود التي تفصل بين كردستان عن الأكراد الذين يهاجمون تركيا ويطالبون بدولتهم الكاملة المقسمة بين تركيا والعراق وسوريا ؟

القوات الايرانية موجودة كذلك في العراق وسوريا ، وقد اختلط الحابل بالنابل ، ولهذه المقولة المعبرة عن تداخل الأمور في بعضها البعض ثلاثة معاني  : الأول هو اختلاط الرماة بالسهام مع الرماة بالرماح ، والثاني اختلاط صيادي الحبال بصيادي النبل ، والثالث اختلاط المعز المعاشير أي غزيرة اللبن وتسمى الحابل ، مع المعز غير المعاشير التي يتم فرزها للبيع وتسمى النابل ، وأظن أن المعاني الثلاثة تنطبق على حال العراق وسوريا ، سواء ما يتعلق منها بالانقسامات الداخلية ، أو ما يتعلق بصراع مصالح  القوى الإقليمية والدولية في المنطقة ، وتزايد حضورها بما يشير إلى مزيد من التعقيدات .

في لحظة معينة ستجد جميع الأطراف نفسها أمام حتمية الفرز ، وفقا للغايات الحقيقة من وجودها في الصراع ، وسيكون هناك من يدفع في اتجاه مزيد من التعقيد ، أو تحويل الفرز إلى قوتين متقابلتين تشير الدلائل إلى أنهما أقرب لحرب مدمرة ، وليس إلى تفاهم محتمل ، خاصة وأن الأهداف الظاهرة لا تمثل الحقيقة الكاملة ، بعد أن تجاوزت حدود العراق وسوريا كنتيجة طبيعية لتجاوز القوى الإقليمية لحدودها .

الآن نسمع عن خطوات ذات أبعاد قتالية ، مثل انضمام دول ما كنا نعتقد أنها يمكن أن تمارس أي عمل عسكري خارج حدودها ، وأقصد هنا ألمانيا ، والإعلان عن قواعد وغرف عمليات ، بهدف الاستعداد للحرب عندما تنشب ، وإذا كانت الاتصالات السياسية ترافق هذه التحركات المقلقة ، فذلك لأن جميع الأطراف تعرف معنى إشعال حرب عالمية ثالثة ، ليس بالمفهوم الذي تحدث عنه جلالة الملك  ، والقائم على مبدأ التحالف الدولي في مواجهة الإرهاب ، بل حرب تكون فيها المنظمات الإرهابية منضوية تحت راية إحدى القوتين أو كلاهما .

لقد علمتنا دروس التاريخ أن القوى العظمى تفتح أكبر مجال للحوار والاتفاق من أجل ألا تصل إلى مرحلة المواجهة العسكرية ، ولكن الدروس نفسها علمتنا أن طرفا ثالثا يمكن أن يدفع الجميع إلى الصدام قبل أن يتمكنوا من فرز الحابل من النابل !

 

Yacoub@meuco.jo

www.yacoubnasereddin.com