0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

معركة الكرامه

مقدمه :

لماذا الحديث عن معركة الكرامه  ولماذا كل هذا الصدى الاعلامي ولماذا كل عام يتم الاحتفال بذكراها ويكرم شهدائها ويغفل ذكر الكثير الكثير من اسراراها وبطولاتها .. كيف فُرضت ارادة القتال على الطرفين النظام الاردني واحدى القيادات الفلسطيني لصالح حالة الانصهار والوعي والكمون الثوري لحامل المشروع التحرري الشعب الاردني والمقاومة الفلسطينيه .. وكيف كانت نتيجة النصر المؤزر تاليب هذا المكون الثوري على بعضه لصالح المشروع الامبريالي وادواته العدو الصهيوني والنظام الاردني الذي عبر عن نفسه في ايلول الاسود  ..  سنحاول الاجابةعلى كل هذه الاسئله عليها في الدقائق المتاحة القادمه.

سددت هزيمة الانظمة العربية عام   67 ضربة قاصمة لمرحلة النهوض القومي التي قادها عبد الناصر والتي شرعت الابواب للفكر القومي كنتيجة طبيعية للبيئة المواتيه  ولفضاءات الوعي التي سادت , وقد اخذت جموع ومعظم فصائل الفدائيين بالتوافد على الاردن لتشيع مع القوى السياسية الاردنيه مدا” يساريا” ووعيا ثوريا وروحا” كفاحية   من نمط مختلف ارسى تلاحما” وانصهارا” لمكونات الشعب الاردني والمقاومة الفلسطينيه , والتي جاءت معركة الكرامة تتويجا لها .

الظروف التي سبقت المعركه :

اخذت المقاومه تنشئ قواعد ممتده في اغوار الاردن من شمال العدسيه ووادي اليرموك الى ىشمال و جنوب البحر الميت في غور الصافي , و تعمل  قواعد ارتكاز لادخال السلاح والعتاد للداخل للقيام بعمليات عسكريه وضرب مؤخرة العدو واستقبال المتطوعين لتدريبهم , كما كان الجيش يعزز مراكزه الاماميه وكانت المواجهه بينه وبين العدو يوميه , ومما زاد من حدتها تقديمه الاسناد والمساعده للمقاومه لتقوم بعملياتها .

لقد اتت معركة الكرامه محصله للمواجهه اليوميه بين القوات الاردنيه , والمقاومة الفلسطينيه والعدو الصهيوني , وبرغم ما سبق من محاولات للنظام  لاجهاظ المقاومه واخراجها من الاردن ومن ساحة المواجهه مع العدو الصهيوني , الاان مسانده ودعم القوات المسلحه قوض هذه المحاولات , مما كرس المقاومه كقوة تسدد الضربات الموجعة للعدو وتكرس وعيا من نمط جديد في الساحة الاردنيه وتوقظ الروح النضاليه .

 ساءت الامور قبيل المعركه بيوم او يومين حيث عملت قوه من الجيش الاردني على تطويق رجال المقاومه في مدينة الكرامه دون علم من قائد الفرقه مشهور حديثه لطردها من الاردن, لكن جرى انهاء تطويقها بسبب  تطويق القوه المطوقه  للفدائيين من قبل الفدائيين المنتشرين على المرتفعات الشرقيه  وبسبب جهود مشهور حديثه المخلصه .

تطور التنسيق بين الفدائيين والجيش  وتم تغطية مواقع المقاومه والثغرات التي يمكن ان يتقدم منها العدو وكان للاستعداد والتدريب العالي والروح القتاليه والفدائية والتلاحم بين الطرفين والاحساس بوحدة المصير والعدو المشترك الذي سبق المعركه سببا في الانجاز الذي تحقق .

نتيجة للهزيمة التي حاقت بالانظمة العربيه في ال 67 اعتقد العدوان على المنطقة بالكامل ان تستسلم,  لذا فقد قرر خوض المعركه للقضاء المبرم على المقاومه وتدمير قواعدها وقتل الروح المعنوية المتنامية في الجيش لاردني , ثم احتلال الجيب الممتد من بين النهر الى مرتفعات السلط لتصبح المنطقه منطقة عازله كجنوب لبنان , ومن ثم ممارسة الضغط على النظام الاردني للدخول في المفاوضات ولتوقيع اتفاق اذعان جرى توقيعه فيما بعد مجانا”  ” وادي عربه “.

استعدادات الجيش الاردني قبل المعركه

حزم الجيش الاردني امره واستمر في تنسيقه ودعمه للمقاومة الفلسطينيه واستعد للمعركه استعدادا محكما ووزعت القوات على اساس المجابهة التي ستحصل يوم 21 آذار لعلمه المسبق لساعة الصفر التي ممرت له من قبل الاستخبارات العسكريه ,وجرت اعادة الثقة للمقاتلين بسلاحهم وقضيتهم وقائدهم  نتيجة التدريب المستمرعلى مدى ثلاث شهور والذي بلغ ذروته قبل خوض المعركه فقد قاتل الجيش بشراسة وشجاعة وثقة بالنفس وبقائده الميداني   , كانت القوات الاردنيه تبلغ حوالي 5 الى 6 الاف مقاتل ثلاث الويه اي ما نسبته 1 الى 3  مقارنة بالعدو, و اذا اضفنا تفوق العدو الجوي  تصبح النسبة 1 ال 5  .

استعدادات المقاومه قبل المعركه

 اما المقاومة فقد دار حوار بين قادتها عرفات ,  ابو جهاد , وابو اياد , واحمد جبريل ,   حول كيفية الاستعداد لخوض المعركة حيث  راي احمد جبريل  نشر القوات على المرتفعات المجاوره لتتجنب الاباده لو بيقيت في الكرامه نظرا لتسلحها الخفيف  وحفاظا على رجال المقاومه بحيث تبقى قوه رمزيه داخل الكرامه  من كل من فتح والجبهه الشعبيه وقوات التحرير الشعبيه تسلح تسليحا جيدا” وباقي القوه توزع على الوديان  المحيطه بمرتفعات السلط لاخفائها للتقليل من الخسائر, لكن ياسر عرفات كان يرى ضرورة البقاء في الكرامه وتحويلها لستالين غراد برغم انها منطقة صغيرة و مكشوفه وابنيتها من الطين وتعتبر هدفا سهلا للعدو.

ابقت الجبهة الشعبية على فصيل داخل الكرامه ونشرت باقي القوه على الوديان بمرتفعات السلط تمهيدا للانتشار على الجبال والاشتباك مع طائرات الهليوكبتر واي انزال محتمل  , وابقت كل من فتح وقوات التحرير الشعبيه على المئات داخل الكرامه .

 كان اجمالي عدد الفدائيين بها من 1200 الى 1400 مقاتل (500 للجبهه الشعبيه و700 الى 800 لفتح و250 قوات التحرير ) ,  اضافة لمركز تدريب لفتح في مدرسه الانروا , لكن الجبهه الشعبيه

اعادت انتشار القوه فوضعت فصيل داخل الكرامه تحصن بخنادق برميليه وفصيل على التلال شرقي الكرامه تحسبا لا نزال للعدو للحيلولة دون انسحاب الفدائيين , ولو لم يتم مسك التلين الشرقيين لاخذ جميع الفدائيين اسرى , وباقي الفدائيين تحصنوا في الوديان , لكن فتح وقوات التحرير بقيت بالمئات في الكرامه , لكن عند بدء المعركه غادر قسم كبير منهم للجبال والوديان الشرقيه  وانسحب عرفات وابو اياد وبو جهاد الى السلط .

العمليه التي كانت ذريعه لشن الحرب :

نفذت احدى قواعد الجبهه الشعبيه وجبهة التحرير العربيه عملية موجعة للعدو في منطقة عين يهف جنوب البحر الميت استدفت باصا كان متجها الى مناجم النحاس في مستعمرة تمناع , وقد قتل جميع مستقلي الباص وقد اتخذ العدو من هذه العملية ذريعة لشن هجومه على الكرامه فاخذ يحشد قوات هائله في اريحا والجفتلك .

بدء المعركه :

ابتدأ الهجوم الساعه 5 فجر 21 اذار على ثلاث محاور رئيسيه :

محور نابلس السلط

محور جسرالملك حسين السلط عمان

 محور القدس , ” جسراللنبي ” الملك عبدالله , سويمه , ناعور

حجم قوة العدو

بلغت القوات المهاجمه حوالي 30 الف جندي اي حوالي ثلاث الويه منقوله برا وقوه منقوله جوا , وقوة مدرعات ومجموعة مدفعيه  و100 طائره , والاف الدبابات , في معركة شامله غير محدوده مما يعني ان العملية لم تكن خاطفه بل عملية شامله تسعى الى تحقيق مجموعة من الاهداف وهي

  اهداف المعركه :

1  .القيام باحتلال عسكري لمزيد من الاراضي  كمرتفعات السلط ومرتفعات جلعاد لما لها من دلالات تاريخيه بالنسبة للعدو ,  التي ياسف  للان لعدم احتلالها .

2 .  اجبار الاردن على توقيع اتفاقية ” اذعان ” سلام مبكره  .

 3  . وتصفية العمل الفدائي وتدمير قواعده في بلدة الكرامه

 

ابتدا  الهجوم بقصف مدفعي كثيف جدا , وتقدم كثيف للدبابات وطلعات بموجات جويه بمعدل 50 طائره كل طلعه لمدة 18 ساعه وقد كانت السياده الجويه مطلقه للعدو. لكنه جوبه بتخندق محكم ومقاومة شرسه وقصف مدفعي من كتيبة المدفعيه السادسه ومن الجنود حتى على مستوى البندقيه منذ الدقيقة الاولى  مما عطل تقدمه وتدمير العديد من الياته وافشل مهمته واوقعت به خسائر فادحه وعند الساعة العاشره صباحا طلب العدو وقف اطلاق النار عن طريق السفارة الاميركيه فاتصل الملك حسين بمشهور حديثه وابلغه بذلك , لكنه لم يوقف الاطلاق  .

ثم تلقى مشهور حديثه اوامرعده لوقف اطلاق النار لكنه لم يمتثل الا في المساء عندما تيقن من  انسحاب العدووهزيمته ثأرا لهزيمة ال 67 نتيجة استبسال الجيش الاردني والفدائيين . انسحب العدو مع ساعات الصباح الاولى مخذولا لكنه دمر قرية الكرامه واخذ العديد من الاسرى من الفدائيين . وعلى اثر تفقد نتائج المعركة من قبل القاده  تبين عدم وجود اليات للعدو داخل الكرامه ووجود عدد من شهداء المقاومه , وحوالي 20 الى 30 شهيدا قيدوا واعدموامن المتدربين في مدرسة الانروا وقد جرى نقاش حاد بين ابو عمار واحمد جبريل حول مسؤولية ترك هؤلاء المدنيين وتعريضهم للقتل انسحب على اثره ابو عمار بسيارته وبدا خلاف حقيقي بينهما .

نتائج المعركه :

الخسائر :

 الجيش الاردني 120 بين شهيد وجريح .

الفدائيين  استشهد من فتح  90 الى 100 شهيد و100 الى 200 اسير و من الجبهه الشعبيه  3 شهداء و3 اسرى , وتدمير قواعد المقاومه في الكرامه

العدو 1200  جندي بين قتيل وجريح  واسقاط 7 طائرات وحوالي 400 اليه مدمره” اي ان حجم الخسائر يوازي ما خسرته على الثلاث جبهات في ال 67 ” برغم ان مدة المعركه 18 ساعه .

الانجازات:

الاردن   كتب باراك عن المعركه قائلا : لقد لقننا الجيش الاردني درسا قاسيا . لقد ارتفعت معنويات الجيش الاردني وعاد النصر العسكري بنصر سياسي وزادت المعونات والدعم المادي على النظام الاردني واكتسب سمعة محلية واقليمية ودوليه .

الفدائيين  قطفت فتح ثمار النصر ووُضعت في طليعة الحركات القتالية الفلسطينيه وحققت  نصرا سياسيا واعلاميا  ووُعدت بالدعم العربي وتدفق الاف  المتطوعين عليها باعتبارها قادت المعركه والانتصار , وفي 14 نيسان 68 اعلنت فتح عن تعيين عرفات قائدا وناطقا رسميا, واصبح شخصية عامة معروفه وتُوج زعيما سياسيا وعسكريا لفتح , واستقبل الملك فيصل خليل الوزير وصلاح خلف ووعدهم بالدعم المادي , كما تم اتهام الباقيين بالانسحاب والهزيمه .

الدروس المستفاده :

1 . تحقق النصر بسبب الاعداد النفسي والتعبوي والتدريبي وتوفر ارادة القتال والمقاومه والايمان بالحق وبعدالة القضيه لدى المقاومة , والجيش , برغم عدم مضي وقت طويل على الهزيمة المنكره في ال 67 .

2 . التنسيق المستمر بين الطرفين ودعم القوات المسلحة الاردنيه مكن من خوض معركة من نمط جيد ومختلف فقد كانت حربا تقليديه اضافة لحرب العصابات , وخلق روحا قتاليه اوقعت خسائر كبيرة في العدو وسببت له  ارباكا افقده توازنه  وتسبب بهزيمته .

3 . الايمان  بوحدة المصير  والعدو المشترك  انتج تلاحما وروحا قتالية عاليه بين اطياف الشعب الاردني وبين المقاومه .

4 . القياده الفذه لمشهور حديثه وهو سبب اضيفه شخصيا لقناعتي بدوره الحاسم ورفضه اوامر وقف النار التي صدرت اليه , ودوره في فك الحصار المسبق للمقاومه من قبل قوة اردنيه تلقت امر بذلك دون علمه بقصد انهاء المقاومه وطردها خدمة للعدو والنظام .

5 . انكشاف دور العملاء والمتخاذلين لدى الطرفين الامر الذي افضى لايلول الاسود بدلا من البناء على النصروالاستفادة من دروسه الحاسمه  فقد تم تاليب الشعب الاردني على بعضه البعض , وعلى المقاومه انتهى بطرد المقاومة الى لبنان وتامين حدود امنة للعدو امتدت الى هذه اللحضه .

6 . الصلف والغرور والاستخفاف لدى العدو كان سببا مهما في تكبده الخسائر وهزيمته المنكره.

7 . تنبه النظام والمركز الامبريالي والعدو الصهيوني لحالة الانصهار والروح الكفاحية التي سادت والتي باتت تشكل خطرا حقيقا على العدو الصهيوني والنظام والمشروع الامبريالي برمته لذا فقد سعى لاحداث فتنه اقليمية طائفيه اسفرت عن ايلول الاسود ” الحرب الاهله “وتبع ذلك اقصاء المقاومة الى لبنان ورفع القبضة الامنيه وتجريف الحياة السياسية باستثناء الاخوان المسلمين الذين عملوا بحرية كبديل جاهز بيد المركز الامبريالي للنظام , وهو ما لم ينجح العدو بتحقيقه في الكرامه انجزه النظام على حساب الدم المشترك الذي سال بايلول ,

8 . لم تراكم الانظمة العربية على التجربة الفذه وتستلهم الحالة الكفاحية الاردنية الفلسطينية لتعبئ جماهيرها وتنهض بها, بل على العكس اعتبرتها تجربة تهدد وجودها , واستبدادها بشعوبها وسعت لتفتيت شعوبها وتكريس تخلفها وتفككها واذعانها للمشروع الاميركي الصهيوني