لماذا منطقة تنموية في المحمدية؟
لمن لا يعرف المحمدية، فإنها قرية أردنية في الجنوب، تقع بالقرب من الخط الصحراوي وضمن حدود محافظة معان؛ فهي ليست مدينة المحمدية المغربية. وبالبحث على “غوغل” عن المحمدية الأردنية، يعطيك المحرك أول عشر نتائج على النحو التالي: طريق المحمدية معان غبار كثيف وسالك؛ وفاتان وثلاث إصابات على طريق المحمدية؛ عائلات في المحمدية تقتات خبزا وشايا وتحلم بمنزل يؤويها؛ وفاة وإصابات بحادث سير في المحمدية؛ المحمدية تعاني الفقر والبطالة والجفر بلا ماء؛ ضبط مليوني حبة مخدرات على الطريق الصحراوي… إلخ.
يوم السبت الماضي، وافق مجلس الوزراء على طلب من الصندوق الهاشمي لتنمية البادية الأردنية لإنشاء منطقة تنموية جديدة متخصصة بتنمية الثروة الحيوانية، تقام على أرض مساحتها 1500 دونم من أراضي المحمدية في محافظة معان. ويشتمل المشروع على إنشاء سوق إقليمية لتجارة المواشي بنظام المربع الصحي، معتمد دولياً لتسويق وتجارة الماشية (الأغنام، والماعز، والأبقار والإبل). وفي مراحل لاحقة، ستطور المنطقة التنموية نشاطاتها في مجالات التكاثر والتسمين، وتطوير مرافق لإعادة التصدير، ومصانع لتجهيز اللحوم للاستهلاك المحلي والخارجي، وأخرى لإعادة تدوير المخلفات، إضافة إلى حظائر ومختبرات. ومن المتوقع أن توفر هذه المنطقة نحو 700 فرصة عمل.
هذا النمط من التفكير والممارسة التنموية هما الأساس لتحويل المحافظات إلى بيئات إنتاجية بما يلائم البيئات المحلية، بعد زمن طويل من السياسات الاقتصادية التي فرغت المحافظات من القدرات الإنتاجية، وأنهت بالتدريج ثقافة الإنتاج وقيمه لدى المجتمعات المحلية. فمعظم تلك المجتمعات في المحافظات هي في الأصل مجتمعات فلاحية أو شبه ريفية منتجة، تشكلت تاريخيا على الإنتاج. وقد أخذت تفقد هذه الخاصية منذ نهاية عقد السبعينيات، حينما عمل الاقتصاد المركزي الخدماتي على ربط دورة حياة هذه المجتمعات به، ونسج العلاقة الريعية المعروفة.
اليوم، بعد فشل الاقتصاد الريعي في تنمية المحافظات، وبعد أن برزت الفجوة التنموية، فإننا بحاجة إلى مناطق تنموية جادة، تراعي خصائص كل منطقة وعناصر الإنتاج والموارد المحلية، من دون أن نلجأ بعد فترة إذا ما نجحت تجربة المحمدية، إلى نسخها كما هي في محافظات أخرى.