0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

مبارك بالمقارنة مع الأسد

بعد عامين من الصراع المدمر في سوريا يتساءل المرء ماذا لو ان الأسد تصرف تجاه المظاهرات والمسيرات التي عمت سوريا مطالبة بالحرية والكرامة أسوة بما جرى في مصر وتونس، بنفس الطريقة والأسلوب الذي واجه به مبارك ربيع المصريين. لو انه فعل ذلك، الم يكن قد حفظ أرواح ٨٠ ألف سوري ووفر الأمن والأمان للملايين الذين تحولوا إلى لاجئين هربا من مدنهم وبيوتهم التي تعيش تحت قصف مستمر من قواته !.
لقد تصرف الرئيس المصري السابق بمسؤولية كبيرة عندما قرر ان يحافظ على الدولة ومؤسساتها فلم يتشبث بالحكم عندما رأى ان الشعب في ميدان التحرير يرفض كل ما تقدم به من خطط إصلاحية بما في ذلك نقل السلطة فقرر التخلي وسلم الجيش مسؤولية إدارة المرحلة الانتقالية . و لم يصر على ان يكون شرط الإصلاح بقاؤه على راس السلطة كما يفعل الأسد منذ البداية وحتى اليوم .

لم يقل مبارك انه باق حتى انتهاء مدته الرئاسية، وبذلك وفر على مصر والمصريين انهارا من الدم وحفظ أرواح الناس وممتلكاتهم . ولا أريد ان أقارنه بابن علي حاكم تونس السابق الذي أيضاً اتخذ القرار الصحيح بالتنحي لان مبارك رفض مغادرة مصر عندما عرض عليه عمر سليمان ذلك بينما فر بن علي خوفا على أموال الفساد التي هربها إلى الخارج.
يقبع مبارك اليوم في السجن مع أبنائه بتهمة مسؤلياته عن الضحايا الذين سقطوا في الثورة والذين لا يتجاوز عددهم حصاد أسبوع من يوميات الأسد في القتل من اجل البقاء في السلطة. والواقع ان مبارك يستحق الرأفة على اسراعه بالتخلي عن السلطة انصياعا لارادة شعبه لان اثبت التزامه بمسؤلياته الوطنية ومواجهة مصيره ولم يهرب من بلده وكان من الانصاف ان يحاكم كرئيس وليس كمجرم .
وهناك من قال في تفسير موقف الأسد انه وقد رأى مصير مبارك لم يجد غير القوة خيارا لمواجهة شعبه المتمرد عليه وهذا قول فيه ازدراء لأرواح الناس وتمجيد للعنف والقتل لأسباب سياسية، تماماً مثل الذين يسوغون له جرائمه بزعم ان نظامه نظام ممانعة ومقاومة وحتى لو افترضنا ذلك فهل تحرير الجولان وحتى فلسطين يمنحه حق تدمير سوريا وقتل وتشريد الملايين!
لقد هلكت وأهلكت الأمة على مدى عقود طويلة على يد حكام شرعوا للحكم الديكتاتوري بزعم تحقيق أهداف العرب بالوحدة والحرية والتحرير والعدالة، حكام سوغوا لأنفسهم ممارسة العنف ضد شعوبهم ففتحوا السجون والمعتقلات وقتلوا واستباحوا دون ان يحرروا شبرا أو يحفظوا كرامة لشعوبهم واوطانهم حتى ان المواطن العربي كان يخجل من نفسه ومن الدرك المهين الذي أوصله اليه هو لا الحكام وبامته التي استبيحت أوطانها وشعوبها وثرواتها وتركت مشاعا لجراد الفاسدين النهابين .
كان أمام الأسد أكثر من خيار لتجنيب سوريا الدولة والشعب والنظام ، هذه المأساة المروعة الذي كان بامكانه تغيير مسار الأحداث فيها بدون نقطة دم . كان امامه خيار مبارك او خيار بن على في مغادرة سوريا مبكرا، وخيار على صالح من خلال حل انتقالي يقوده فاروق الشرع في ظل مبادرة عربية ودولية ، لكنه لم يفعل ولا يريد ان يفعل بعد ان أوغل في طريق مسدود مصرا على المضي في حرب يمارسها على طريقة الحرب العالمية الثانية التي كان طابعها التدمير الشامل والقتل الجماعي وإلقاء القنابل والبراميل على المدن ، مع فارق جوهري ان المتحاربين في الحرب العالمية كانوا يقاتلون أعداءهم وليس شعوبهم التي انتخبتهم ورقصت لهم في الشوارع في خضوع وخوف من دولة أمنية دامت دهرا من الزمان .