انتخابات عمال البوتاس
انتخابات عمال البوتاس
جرت قبل ايام انتخابات فرع البوتاس لنقابة العاملين في المناجم والتعدين ، وقد كانت انتخابات حامية الوطيس لعدة اسباب منها ، حجم التدخلات والضغوط التي مورست ، كي يستمر نهج النقابة السابق ، المتغاضي عن الحقوق المنقوصة للعاملين ، نتيجة الهيكلة التي تمت عام 2008 ، حين شاركت النقابة السابقة في تمريرها ، والتي لم تمحو اثارها السلبية ، سبع سنوات مرت عليها ، وهيكلة تعديلية جرت اوائل العام الحالي ، ومطالبات ادارية من المتظلمين لانصافهم ، اضطرت العشرات منهم ، وبعد اليأس من انصافهم ، الى رفع تظلمهم امام القضاء الاردني ، فحطمت شركة البوتاس العربية ، رقما قياسيا في عدد القضايا التي رفعها العاملون فيها ، ضد ادارتها الحالية والسابقة .
لقد برهنت هذه الانتخابات ، على حجم الوعي الذي يملكه العاملون في شركة البوتاس ، وعزمهم على طي صفحة المظالم التي عانوا منها منذ سنوات ، وما زالت قائمة حتى اليوم ، فانتخبوا من وقف مع حقوقهم ، ومن توسموا فيه الخير لانصافهم ، لقد انتخبوا نقابة لخدمة العاملين لا لخدمة غيرهم ، نقابة تقف مع العاملين وتنصفهم ، لا نقابة تقف ضد العاملين ، وتساهم في فصل بعضهم ، نقابة تقف مع العامل ضد اي شكوى كيدية ، لا نقابة ترفع الى الادارة شكوى كيدية ضد العامل ، مخالفة بذلك ابسط قواعد واخلاقيات العمل النقابي في العالم كله ، لقد رهنت النقابة السابقة نفسها لمصالحها ، فاصبحت مصالح العمال خارج اهتماماتها .
لم تكتفي النقابة السابقة بتجاهل مظالم العاملين ، بل وقفت متفرجة امام تعسف الادارة ، ضد منقوصي الحقوق ، الذين لجأوا للقضاء العادل لانصافهم ، حين مارست كل وسائل الترهيب والحرمان ، لاجبارهم على اسقاط قضاياهم ، دون اي تعويض ولو بسيط عن حقوقهم المنقوصة ، لا بل ساهمت في زيادة قهرهم ، عندما استجاب عدد منهم لدعوة اسقاط القضايا في المحاكم ، فخسروا الالاف كاتعاب محاماة ، اما الذين لم يستجيبوا لمطالبة الادارة لهم باسقاط قضاياهم ، فقد حرموا من ابسط الحقوق ، كالزيادة السنوية والترقية والدورات ، وعانوا الحرمان من الاستقرار الوظيفي ، وساهم متطوعون في زرع اليأس بنفوسهم ، من خلال بث اشاعات التشكيك بالقضاء والمحامين ، كاحدى وسائل الحرب النفسية .
لكم ان تتصورا عاملا في البوتاس ، امضى عشرات السنين في العمل ، معرضا نفسه لمخاطر جمة ، الوفاة او الاصابة ، وصل الى سن التقاعد وهو يعاني الظلم وانتقاص الحقوق ، اضطر خلال سنوات سابقة نتيجة عدم الاستجابة لمطالبه بالوسائل الادارية ، الى التقدم بشكوى الى القضاء مطالبا بحقوقه ، فيضطر بعد التقاعد في عمر الستين ، ان يسقط قضاياه في المحاكم ، كي ينال حقوقه التقاعدية ، والا سيبقى سنوات طويلة ينتظر حكم القضاء ، بوجود مماطلة من طرف الشركة ، وحرمان من الحصول على شهادة الخبرة كي يلتحق بعمل جديد ، ويا ليت هذا الامر شمل الجميع ، فالظلم فيه نوع من العدل اذا عم الجميع ، لكن البعض استثني من اسقاط قضاياه ، لاسباب تتعلق بالمحسوبية والتمييز .
ان امام زملائنا الفائزين في انتخابات نقابة المناجم والتعدين فرع البوتاس ، مهام جسيمة ملقاة على عاتقهم ، اولها انصاف الزملاء العاملين حاليا ، واعادة حقوقهم لهم ، وثانيها انصاف من اجبروا على التنازل عن قضاياهم امام القضاء ، وتضاعف الظلم الواقع عليهم ، متقاعدين وعاملين ، هذه الظلم بحاجة الى ارادتكم الحرة للتصدي له ، فكونوا عند ثقة من انتخبكم .
لا بد من الاشارة الى ميزتين ايجابيتين لهذه الانتخابات ، اولها فوز مهندس بعضوية الهيئة الادارية للنقابة ، وهذا يحدث لاول مرة في تاريخ النقابة ، حيث اغلبية العاملين من غير المهندسين ، وما كان ذلك الا نتيجة التصاقه بقضايا العمال ، اما الميزة الايجابية الثانية ، فهي فوز ثلاثة من ابناء الاغوار الجنوبية ، في عضوية النقابة ، وهو ما يحدث لاول مرة ايضا ، ويتناسب مع حضور ابناء الاغوار العاملين في الشركة ، ودورهم الفعال في نجاحها وانجازاتها .
مالك نصراوين
18\10\2015