مناسبات
تكثر المناسبات الخاصة السعيدة في فصل الصيف ، كالزواج ، والتخريج من الجامعات والنجاح في الثانوية العامّة ، وغيرها . ولا تخلو باقي شهور العام من هذه المناسبات وإن بدرجة أقل . وربما يكون ازدحام الصيف بالمناسبات لأسباب موضوعية ، منها ، طبيعة الحدث الذي يحكمه الزمن ، أو بسبب طبيعة طقس شهر الصيف المناسب للإحتفالات ، ولا ننسى أن في الصيف موعد العطل الصيفية للمدارس والجامعات وعودة المغتربين …
الفرح وإظهار السعادة ومظاهر البهجة حقٌ مشروع بل ومطلوب لصاحب المناسبة وأهله وأصحابه وجيرانه ومحبيه . ولكنه الفرح الذي لا يخرج عن حد الإعتدال ويصل إلى المغالاة ، أو الذي قد يتسبب بأذى للآخرين . فالقاعدة الذهبية الرائعة تُعلّمنا أن حريتكَ تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين ، وأن الحرية يجب أن تكون مضبوطة بضوابط ، لا ضرر ولا ضِرار ، وأنتَ حرٌ ما لم تضر .
ولأن بعض الأضرار المؤسفة قد حصلت فعلا ، وكانت نتائجها لا تسر أصحاب المناسبة ومحبيهم والمجتمع ، وكارثة على الطرف الآخر الذي ربما أُصيب بأضرار بالغة وخسائر غالية وأعلاها قيمة وأهمية حياة إنسان بريء . لذلك كان قرار الحكومة الحازم وتوجيهها لأجهزتها المعنية بالعمل على منع هذه الممارسات والتي بات يشكو منها الجميع . وقد تنادى النشطاء والوجهاء ومؤسسات المجتمع المدني لمساندة الدولة بمنع إطلاق العيارات النارية في المناسبات ، وكانت النتائج مبشرة وناجحة حتى الآن .
إلا أن هناك بعض المظاهر الأخرى المزعجة ، والتي قد تتسبب بأضرار من أنواع أُخرى للآخرين ، يرجى العمل على وقفها ومنعها ، ومنها ، الألعاب النارية والتي لا تقل في خطورتها وأضرارها كثيرا عن العيارات النارية وما تسببه من إزعاج ومصدرا للرعب للأطفال . وكذلك استخدام مضخمات الصوت القوية والتي تُغطي مساحة كبيرة تُسمع ليس الحارة والجيران بل سكان مناطق بعيدة ، وفي حالة البلدات المتوسطة والقرى يطالها كلها ، وما يُرافق ذلك أحيانا من أصوات مزعجة لبعض متعهدي الحفلات ومطربي المناسبات بكلام يساعد في إفساد الذوق العام وأحيانا يخدش الحياء وإحداث تلوّث سمعي يتأذى منه المرضى والطلاب والدارسون وطالبي الراحة والراغبين في النوم ..
وأيضاً مواكب الخريجين وما تسببه من إعاقة لإنسياب حركة المواصلات ، وما قد يتسبب عنها من عدم وصول الحالات المرضية أو الولادة في موعدها المناسب للمستشفيات ، أو التأخير للمسافرين والمضّطرين للوصول إلى أماكن عملهم بأوقاتٍ محددة ، ناهيك عمّا يُرافق تلك المواكب من الجلوس على الشبابيك ومقدمة السيارات وأعلاها وحجز أكبر عدد ممكن من السيارات لتبدو ضمن الموكب .
هذه المظاهر وغيرها بحاجة لتعاون وثيق بين مؤسسات الدولة والمواطنين عامة وأصحاب المناسبة على وجه الخصوص . إذ يجب أن يصل الجميع إلى قناعة مفادها أن فرحي وسعادتي يجب أن لا تسبب بأي أذى أو ضرر لأيٍّ كان ، وأن مشاركتي الوجدانية والفعلية لك بالفرح ، لا يعني أن ينعكس ضرراً وأذىً لأيٍّ كان .
وأمرٌ آخر أحببت الإشارة له في هذا المقام ، وهو المناسبات المفتعلة ، والتي أصبحت وكأنها وسيلة تقليد أو للتباهي ، كتخريج طلاب الروضة بمختلف مسمياتها ، أو ترفيع الطلاب من صف لآخر ، وأعياد الميلاد وغيرها من مناسبات وما يرافقها من احتفالات قد تمتد لأيام ، الأصل فيها أنها شخصية وخاصة بالأهل والمقربين فقط .
كما يجب مراعاة أن هناك تكاليف اقتصادية لهذه الحفلات على أصحابها والمدعويين ، وما يسببه ذلك من إحراج للبعض نظراً لكثرة المناسب وتعددها وضيق الحالة الأقتصادية وصعوبة ظروف الحياة .
نتمنى الفرح والسعادة للجميع في مناسباتهم ونشاطرهم تلك الأفراح ، كما نتمنى السلامة للجميع بالجهود المباركة والتعاون المشترك المثمر بين مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني والمواطنين عامّة ، وحفظ الله الجميع وشملهم برعايته وعنايته ، ودامت الأفراح ..