عاجل
0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

التسول بطريقة مشروعة

  
لقد تحول التسول إلى مهنة، عند شريحة من الناس، ولا أبالغ إذا قلت بأنه أصبح أسلوب حياة عندهم، ومع الوقت بدأت ظاهرة التسول تتطور، ليتحول من مد الأيدي إلى الناس، لنوع من أنواع التجارة، والذي يعتمد أساساً على التأثير في مشاعر الناس، فعندما يقوم أحد الأطفال ببيع العلكة غالباً، أو أي نوع من أنواع الحلويات، يبدأ بالدعاء المتواصل للشخص الذي يتوقف أمامه، ولا يغادر إلا بعد أن يحصل على النقود حتى لو القليل منها، ليتعلم التسول منذ الصغر، ويظل ملازماً له حتى الكبر.
توجد طريقة قديمة، وجديدة من طرق التسول، منتشرة بشكل ملحوظ وتعتمد على حمل المتسول لمجموعة من الأوراق والتي يدعي بأنها: متعلقة ببناء مسجد، أو بالتبرع لأيتام، أو لأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، ويقوم بمحاولة عرضها أمام الناس، لتأكيد صحة كلامه، وبأن هدفه هو جمع المال من أجل المساعدة فقط، وليس من أجله، لذلك تسعى هذه النوعية من المتسوليّن، إلى استعطاف الناس، وجعلهم يشعرون بأن هدف التسول هو غاية نبيلة، من أجل المساهمة في الخير من خلال إقناع الناس بإعطائهم المال.
كثيرة هي الأمثلة المتعلقة بالتسول، وخصوصاً التي تعتمد على الطريقة المذكورة سابقاً، ولكن من المفاجئ، والغريب أن يصل هذا التسول إلى الجامعات، فقد أخبرني أحد الطلاب الجامعيين، بأنه أثناء تواجده في مكتبة جامعته للدراسة مع زملائه، آتت إليهم سيدة بكامل أناقتها، وتحمل معها مجموعة من الأوراق، وأدعت بأنها تجمع التبرعات للصم والبكم، وطلبت ديناراً من كل منهم، وحاولت التودد إليهم قدر المستطاع من أجل الحصول على مبلغ جيد من المال، وعند رفض الطلاب إعطاءها غادرت متجهمة، وكان من الواضح تكرار قدومها إلى الجامعة أكثر من مرة، حتى أنه أكد لي رؤيتها منذ التحاقه في الدراسة الجامعية، وفي المرة الأخيرة التي شاهدها فيها، توجهت إليه ولأصدقائه مجدداً بنفس الطلب ولكنها قالت: ( اللي عليكم، عليكم )، بمعنى أنه عليهم أن يعطوها المال الذي تطلبه منهم، وأخبروني مجموعة من الطلاب الآخرين بوجود هذه الظاهرة بأشكال مختلفة في بعض الجامعات.
استغرب من انتشار ظاهرة التسول بالأسلوب سابق الذكر، وبطريقة مشروعة، والأكثر غرابةً هو وصولها إلى الجامعات، ولقد اسميتها بالمشروعة بسبب لجوء المتسوليّن إلى تلك الأوراق الطبية المنسوخة، والمزورة، والتي يحملونها معهم، من أجل طلب المال بحجتها، وأيضاً من الواجب معرفة الطريقة التي يدخل إليها أولئك المتسولون إلى الجامعات، ومحاسبة من يسهل دخولهم إليها، فكيف تجرؤ تلك السيدة على الطلب من الطالبات والطلاب مالاً؟!.
وأغلبهم لا يعملون بل يأخذون مصروفهم من أهاليهم، كما أن الدينار الذي تطلبه منهم، قد يكون مصروف أحدهم، وهم بحاجة إليه أكثر منها، ولكن عفة نفس أغلب الطلاب، لا تسمح لهم بأن يقوموا بالتسول، بل يعملون من أجل تأمين رسومهم، ومصاريفهم الجامعية، فأين المنطق بطلبها للمال منهم؟.
إن طلب الزكاة لا يكون بتسولها من الآخرين، باستخدام طرق التسول المختلفة، فكثيرة هي الجمعيات الخيرية، التي تقدم العون، وتساعد في علاج المرضى، والمحتاجيّن، ولا تقوم بجمع تبرعاتها عن طريق التسول، فأهل الخير كثيرون، وهم سباقون إلى القيام به دون الحاجة بأن يأتي متسولٌ لتذكيرهم بذلك، فمن يحتاج إلى شيء، يجب عليه أن يعمل من أجل الحصول عليه، فمن يعمل بيده، يجني تعب عمله بجهده، دون الحاجة إلى التسول بطريقة مشروعة.
مجد مالك خضر
mjd.khdr@yahoo.com