عاجل
0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

من وادي رم مرّالرجال

 
 
 
 
ان يستقبلك منظر لواد وجبال بهذا الجمال , أن لا تستطيع ان تغمض عينيك لأنك تريد ان ترى قدرة الخالق العظيمة في هذا التكوين المتميّز , الذي تندر مشاهدته في العالم , جبال ممتدة على مرمى البصر , ووادي رملي , وكأن بحر من الرمال الذهبية تمتد على جانبية , ورجال سمر يستقبلونك بحفاوة وتقدير , لوحّتهم الشمس التي ترافقهم من مطلعها الى أن تغيب خلف الجبال في منظر رائع , يمتطون الجمال , التي تتهادى بخيلاء في مشيتها وكأنها تقول , انا سفينة الصحراء التي اقطع الفيافي من غير كلل ولا وجل , أحملكم خلال هذا الوادي , على هذه الرمال التي يصعب السير عليها حتّى بسيارات الدفع الرباعي , التي تنقل الزائرين في جولات ليطلّعوا على جمال هذا الوادي .
من هنا مروا , قبل أقلّ من مائة عام بقليل , بجوار الديسة ومنيشير والغال ورم , في حرّ تموز اللاهب , يحملون امتعتهم واسلحتهم وآمالهم بغد مشرق لهم ولأبنائهم واحفادهم , وجهتهم العقبة , الخليج المهم في نظرية الحرب , عاقدين العزم على أن تكون بداية الفتح لدولة عربية اسلامية , تجمّعوا من كلّ القرى والبلدات , من الجفر ومشاش حدرج ووادي السرحان , من الحجاز ونجد , من عرعر وطريف , من تبوك والحالة , ينوون مع الشريف القتال , يتمنوّن تحقيق الأمل الذي قامت من أجله ثورتهم وأحبطه تآمر المستعمرين , الذين لا يؤمنون على شيء , فكيف يساعدون على تحقيق أمل في وحدة وحرية وحياة فضلى .
قائدهم الأمير عودة ابو تايه , الخبير في الحرب والصحراء , الذي يعرف البادية الاردنية جبالا ووديانا , رمالا وآبار مياه , القائد بفطرته , المحب لوطنه وارضه , يغذ معهم السير , نحو العقبة التي كان يعتقد أن من خلالها تفتح بلاد الشام , يستوقف أصحابه في وادي رم ليريهم النقوش التي نقشها أجدادهم الانباط على الصخور , وقبلهم نقش الرومان نقوشا بعضها يدل على مكان وجود المياه , وبعضها على الاتجاهات لتحديد المسير .
يذّكرهم انه في يوم من الايام كان يعيش في هذا الوادي أناس كثيرون بدليل بقايا شجر الزيتون الذي أكتشف أن عمره أكثر من خمسة آلاف سنه , وآبار المياه المنتشرة في جنباته , وكأنّي به ينظر اليهم ويسألهم , يا ترى هل سيأتي يوم على هذا الوادي يكون آمنا , يزوره الناس من كلّ بقاع الدنيا , ليستمتعوا بجوّه الرائع ومناظره الخلاّبة , وبرفقة سكانه الطيبين الذين لم تغيّرهم المدنية ولم يغيروا لهجتهم ولا طبائعهم .
أخبرك , أخو عليا , أن الوادي الذي جمعك والثوار على أمل بغد افضل لأبنائكم وأحفادكم , يجمع الناس الآن من كلّ بقاع الدنيا , في مكان آمن فيه من الروعة ما لا يوصف , ومن السكون هيبه , ومن غروب الشمس لوحة فنيّة رائعة لن يروها في مكان آخر .