ميثاق اقتصادي عربي لبدر اسلامي
أطلّ الأمير حسن من منصة منتدى الفكر العربي أول أمس ليعلن ميثاقاً عربياً في التكامل الاقتصادي، والحديث كان عن فكرة تتجاوز حدود الدول إلى المستقبل ورفض مبدأ المساعدة إلى مبدأ الشراكة في الثروة والتكامل، وهي خطوة مهمة في استعادة الأمل والابقاء عليه، في ظل واقع عربي تمزقت فيه أواصر الأمة ووصلت بها الحال إلى قاعٍ سيضحي بلا قرار إن لم تتدارك نخبها مزيداً من السقوط. الأمير الحسن، وفي زمن الربيع العربي اطلق -أيضاً- الميثاق الاجتماعي العربي، الذي تكمن أهميته في الرؤية الاستراتيجية المشتركة لبناء المستقبل على أساس أنه إطار توجيهي يحدد معالم السياسات العامة في مختلف المجالات، ويهيئ الأجيال العربية ويستجمع قدراتها وطاقاتها لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، ويحقق الأمن والاستقرار، ويضمن للمواطن كرامته الإنسانية، ذلك الميثاق الاجتماعي كان لابدّ منه في زمن الربيع العربي وصراع الهويات المحموم آنذاك. وفي الميثاق الاقتصادي الذي اعلن إطلاقه الدكتور محمد ابو حمور أمين عام منتدى الفكر العربي عودة لمركزية الدولة الوطنية وقوتها كلبنة أساس في النهوض العربي، وإذ ورثنا أدبيات عربية سابقة في الدعوة للتكامل والإصلاح والعمل المشترك، إلا أن البحث عن سبل الخلاص يظل ممكناً ويظل للعقل أمكانية التعبير عن الواجب والمطلوب كي نكون أفضل، وهذه هي مسوؤلية النخب. نخب المنتدى ينقصها التجديد، ليس لمصحة الثورة عليها، بل لسماع أصوات جديدة تتواءم مع الموجود وتثريه، والموجود منها اليوم قادر على الموازنة بين خطاب عروبي وخطاب انساني الملامح، عالمي القيم، وواضح أن نص الميثاق الاقتصادي احكم صياغة ومنهجية بفضل خبرة متراكمة في عمل فريق الإعداد. فلسفة الميثاق ترى أن نهوض الدولة الوطنية هو شرط للنهوض العربي وأن التشاؤم مرفوض وأن ثمة دور القطاع الخاص في النمو والشراكة، وأن البحث عن مؤسسات كبرى مثل اقامة لا يتمّ في حالة عربية راهنة نصف ثورية او لم تكتمل صورتها بعد. الميثاق يخاطب الدول العربية ويستدير من خطاب دول التجمعات «المغرب الكبير ووادي النيل والهلال الخصيب ودول الخليج» إلى خطاب الدولة الوطنية التي ثبتت كحقيقة راسخة اليوم من مخلفات حركة الاستعمار العالمي والتفوق الغربي، وهكذا تبرز اشكالية القومي والوطني. يظل منتدى الفكر العربي واحة فكر، وإن تقهقرت الأمة وانتكست، لكن الحال الراهنة لا تترك أمامها إلا مصيرين: الاستباحة أو القيامة، واحسب أن الميثاق خطوة للحالة الثانية وهي القيامة والنهضة، فهذا الخيار يؤكد استقلاليتها ويخطو إلى وحدتها لتكون أمة فاعلة، لا تابعة. تحدث الأمير الحسن عن بدر اسلامي، وليس فالق سني – شيعي، وهذا حديث يتجاوز الراهن إلى المستقبل، مع قليل من نكهة التاريخ، ذلك أن الشرق الحديث والوسيط قام على ثلاثية تاريخية ثقافية رفعت قوائمه هي: الترك والفرس والعرب. إذن لا بد من لقاء الجار والتعامل معه والتكامل معه، وحفظ المصالح، ودون ذلك لن ننجو من فتنة الزمن الراهن المسكون بالسلفية الجهادية والفتنة المذهبية التي قوضت وجود الشرق واخلت باستقراره.