نوموفوبيا العيد
العيد عند المسلمين , فرحة في عيد الفطر , بعد صيام رمضان والقيام بالطاعات التي فرضها الله علينا سبحانه وتعالى , وفرحة في عيد الاضحى الذي يحج الناس فيه لبيت الله , وهو فرصة للالتقاء مع الناس وصلة الرحم والتزاور ورؤية الاقارب والمعارف , الذين لا يستطيع الانسان ان يراهم دائما , لانشغاله بأمور الحياة , التي اصبحت كثيرة هذه الايام , وقد كان اجدادنا لا يضيّعون فرصة اللقاء في الدواوين او في البيوت , والتحدث مع بعضهم البعض في امور الحياة الكثيرة , المشتركة بينهم في همومها في اغلب الاحيان , وتفقد الغائبين او المنقطعين عن الحضور الى الديوان , او اصلاح ذات البين , ومعرفة احوال الآخرين , ومساعدة المحتاج , وزيارة من مات له قريب قبل العيد .
هذه الايام , ومع تطور التكنولوجيا , اصبحت ظاهرة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي , متاحة للجميع وكل شخص صغيرا كان او كبير يملك هاتفا نقالا , يكون معه دائما , ولديه حاسوب في البيت او في مكان العمل , والخوف من فقدان الهاتف المحمول او حتى عدم وجوده بجانب الانسان المستخدم له , او الوجود خارج نطاق الشبكة , والتي تفقدهم الاتصال بالآخرين , عن طريق الواتس اب (WhatSapp) , او الفيسبوك يسمى مرض النوموفوبيا , وهو بالإنجليزية (No mobile phone phobia ) , والذي يصيب الشباب اكثر من المتقدمين بالعمر , وقد استخدم هذا المصطلح لأول مرة في بريطانيا عام 2008 , وهو مرض لا يصيب اعضاء الجسم ولكن يصيب العلاقات الاجتماعية بين الناس .
تشير الدراسات الى ان الاناث اكثر تأثرا من الذكور بهذا المرض , الاّ انني لاحظت اثناء ايام العيد ان معظم الناس لديهم كل او جزء من اعراضه , والتي تتلخص بتفقد الهاتف المحمول باستمرار , والتأكد الدائم من شحن البطارية , والعزلة التي تصيب المتابع المستمر للرسائل , حتى اثناء وجوده بين الناس , والاشخاص الحاضرين بأجسادهم للالتقاء مع الاخرين , غائبين بعقولهم وافكارهم مع الهاتف لمتابعة الرسائل , والبريد الإلكتروني على مختلف اشكاله , ويصيبهم قلق من الاخرين الذين يحاولون الاتصال معهم مباشرة , ووجها لوجه , وكأنهم يبعدونهم عن اغلى شيء في حياتهم .
أقترح , من اجل ان يكون العيد القادم عيدا يجمع الناس بالعقل والجسد , وعيدا يكون اقرب الى اعياد اجدادنا , الذين كانوا يشعرون بحلاوته اكثر منا , ان يكون من دون استخدام للهواتف المحمولة , وان نستغني عنها , حتى ولو كان لأول يوم في العيد , حتّى نبتعد عن النوموفوبيا , وتبتعد عنا اعراضها , ويصبح عيدنا أجمل .