لعبة تجارية
مع اقتراب قدوم عيد الفطر، تبدأ المحلات التجارية، بإغراق الأسواق بالتخفيضات على الأسعار، ويقوم الناس بالذهاب إليهم، لشراء ما يلزمهم من أجل العيد، وعندها يظهر ذكاء، ودهاء البائعين، في التسويق لبضائعهم، والقيام ببيعها بأسهل الطرق وأكثرها ربحاً، ويظل المشتري يعتقد بأنه قد حقق مكسباً، من عملية الشراء هذه، ولكنه يغفل عن أنها ليست إلا أسلوباً تجارياً، يستخدمه أولئك التجار من أجل التسويق لبضائعهم، وخصوصاً في مواسم الأعياد، وبداية المدارس، وغيرها من المناسبات الأخرى، وسوف أطلق على هذا الأسلوب التسويقي مسمى لعبة تجارية.
عندما يتم اتباع أسلوب تسويق معين، يحرص التاجر أو صاحب العمل، على ضمان الربح في جميع الأحوال، ولا أعترض على تحقيق التجار للربح، ولكن يجب أن يكون بطريقة عادلة، وليس باتباع أساليب تسويق مخادعة، من أجل القيام ببيع بضائعهم، سواءً أكانت مواد تموينية، أو ملابس، أو أي شيء يستهلكه الناس بشكل شبه دائم، فيتم التسويق لهذه البضائع بطريقة مدروسة، تتناسب مع الموسم التجاري، ومع الأوقات التي يكون فيها الاقبال على الشراء في أوج ذروته.
ومن الأمثلة المتعلقة في هذه اللعبة التجارية، العروض المنتشرة على المواد التموينية، والتي يتم التسويق لها بشكل كبير وواسع النطاق، فعندما يذهب المشتري لشراء أي سلعة من المحلات التجارية وخصوصاً الكبيرة، يستقبله شاب على باب المحل، ويقدم له نشرة مفصلة عن العروض الموجودة عندهم، وقد أخبرني شخص، بأنه ذهب لشراء بعض الأشياء، وعند دخوله إلى المحل التجاري، ورؤيته للعروض المنتشرة في زواياه، اشترى أشياء لم يفكر بشرائها، ليزداد المبلغ الذي كان مقرراً الشراء به إلى الضعف، فبكل بساطة يتم الاعلان عن خصومات تصل إلى أكثر من خمسين بالمئة على السعر الأصلي، ولكن عندما يقوم المشتري بالتوجه لشراء تلك المواد التموينية، يجد أن فترة صلاحيتها قاربت على الانتهاء، أو أن نسبة الخصم على معظمها لا تتجاوز عشرة بالمئة!.
أما بالنسبة للملابس بأنواعها، فهي تتوزع على موسمين الصيفي والشتوي، فقبل حلول الأعياد بعدة شهور، يقوم التاجر بتخفيض أسعار الملابس، إلى نسبة تضمن الربح له، ويحاول أثناء ذلك التسويق لما يتكدس عنده في المخازن، من بضائع المواسم السابقة، وعند اقتراب حلول العيد، يقوم التاجر برفع الأسعار بشكل تدريجي، دون أن يشعر المشتري بذلك، وعندما يصل إلى سعر جديد للبضائع، يقوم بتثبيت السعر، ونشر العروض والخصومات، بنسبة تضمن تحقيق الربح عن طريق العودة إلى السعر القديم في بداية الموسم التجاري، قبل رفعه في الفترة الزمنية التي سبقت العيد، وبذلك يظل المشتري مخدوعاً بنسب الخصومات التي تم تسويق البضاعة من خلالها، عن طريق لعبة تسويقية بسيطة منتشرة في الأسواق.
في الحقيقة لا أهاجم أي تاجر، ولكن أعتب على أولئك التجار الذين يستخدمون الأساليب التسويقية المخادعة في بيع بضائعهم، فمهما كانت الطرق المتبعة في بيعها، يظل من الواجب عليهم وضع مخافة الله تعالى أمام عيونهم، والإلتزام بالأخلاق المهنية، وللأسف توجد عادة قديمة، وغير مدروسة يتبعها الكثير من الناس، وهي القيام بشراء الملابس قبل يومين، أو ثلاثة، أو حتى أسبوع من حلول العيد، ومن المتعارف عليه في هذه الفترة يكون السوق مكتظاً بالمشتريّن، وتكون الأسعار مرتفعة مقارنة بالأيام العادية، لذلك من الواجب تغيير هذه العادة، من خلال القيام بشراء الملابس، قبل بشهرين أو أكثر، وسوف يلاحظ المشتري الفرق بالسعر، والذي يوفر له مبلغاً مالياً، كان سيدفعه لو قام باتباع تلك العادة الشرائية، وأنصح التجار بأن يعملوا على نشر سمعة طيبة عنهم عند الناس، وأن يحافظوا على نسب أسعار معقولة لبضائعهم، تناسب الجميع، وتجعلهم يربحون وهم مرتاحو الضمير.
مجد مالك خضر
mjd.khdr@yahoo.com