شاطىء بحر الشيدية
من قال ان شاطئ البحر لا يمكن الاّ ان يكون ماء وقوارب وسفنا وحلما … بحر الشيدية من نوع اخر , رجال سمر لوحتهم الشمس , مغبرة ثيابهم , قوية سواعدهم , عيونهم متفائلة دائما بالغد , قواربهم سيارات شحن تحمل الفوسفات من الكشف الى المعالجة داخل المنجم ومن ثم للتصنيع او التصدير , وسفنهم غارفات يحملن اكثر من اربعين طنا في الغرفة الواحدة , لتبيّن لهم طبقات الفوسفات الأنقى في العالم , وماؤهم حتّى لو كان ترابا ناعما يعفّر الوجه والشارب واللحية والملابس , فانه بالنسبة لهم , الماء الزلال الذي يشرب منه الوطن ليدعم اقتصاده وقدرته على التقدّم والازدهار .
هؤلاء الرجال جاؤوا من كل المدن الاردنية , مزودين انفسهم بالعزيمة والمثابرة , مصممين على قهر الظروف الصحراوية , المرتفعة درجات حرارتها نهارا, الباردة ليلا , صحراء كانت على مد النظر , ليس فيها شجر , يخيل للناظر اليها , انه ليس فيها حياة ولا امل , ظروف معيشتها قاسية , واحتياجات الوجود فيها كبيرة , ليس اقلها اقناع النفس الراغبة دوما بالحياة الرغيدة , بان الامل معقود عليهم , على هؤلاء الرجال الذين بدأوا مشوارهم في سبعينيات القرن الماضي , بالتنقيب عن الفوسفات ثم استخراجه , ثم معالجته في مغاسل كبيرة , ومعظمه لا يحتاج الى معالجة طويله , ثم تصديره الى دول بحاجة اليه , او اعادة تصنيعه في الاردن في الشركات المتواجدة في مناطق الاردن المختلفة .
انهم يعلمون ان هذا الفوسفات الذي يستخرجونه من باطن الارض , يصنّع منه السماد الذي يغذي الارض , لتنتج اصناف كثيرة من الفواكه والخضار , ويصنع منه الصابون وادوات التجميل والادوية وغيرها الكثير من المواد التي يحتاجها الانسان في حياته , وهو عصب الاقتصاد لوطنهم , الاردن , و يعوّل الاردنيين عليهم في استخراج هذه الخامة من باطن الارض بطبقاتها الاولى والثانية والثالثة, والتي لا تحتاج بعضها لكثير من العناء لاستخدامها في الشركات الصناعة التي تم انشاؤها بجوار منجم الشيدية او في العقبة .
انك تنحني لهم شاكرا جهدهم العظيم في تنقيبهم عن الذهب الابيض الذي يستخرجونه من باطن الارض , مؤمنين بان الله العلي القدير , قد اعطى وطنهم هذه الثروة العظيمة , من اجلهم واجل اولادهم وابناء وطنهم الاشد محبة في قلوبهم , والذين لا بد وان يذكروهم دائما , بانهم من وضع بصمته الدائمة في ازدهار بلدهم , وتعزيز قدرته على الصمود في وجه التحديات .