0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

إلى عبد المنعم شهيد حوران

  م  في الوقت الذي كنت تنتظر وأهلك بفارغ الصبر ، موعد تخرجّك من الجامعة كباقي زملائك ، ولتقطف ثمرة جهدك وتعبك وسهرك ، وجهد أهلك ومعاناتهم ، ليفرحوا بهذا اليوم الذي انتظروه لك منذ طفولتك ..
يشاء الله سبحانه أن يختار لك أمراً آخر ، ونتيجة أفضل ، ومكانة أسمى وأعلى وأجل ، يتمناها كل حي ، ولا ينالها إلا كل محظوظ ، إنها الشهادة ، لتكون أنت يا عبد المنعم الشاهد والشهيد …
فقد تجهّزت الجنة واستعدّت الملائكة لاستقبال ضيفها ، استقبالا لا يليق إلا بالشهداء
يا عبد المنعم
لقد عرفت الآن بالتأكيد ، قيمة الشهادة ومنزلة الشهداء ، وما أعده ربك لك
فهي شهادة لا ككل ما يمكن أن يحمله البشر من شهادات ، لا تساوي في أغلبها قيمة حبرها وأوراقها وأختامها
إنها شهادة ممهورة بالدم ، شهادة رب السماء على أهل الأرض
هذه الشهادة لا تُمنح لأيٍّ كان ، فهي اختيار واصطفاء وتكريم ، لا يحظى بها إلا الخاصّة من العباد
يا شهيد حوران
لقد شاء الله أن يُخلّصك من هموم الدنيا ومشاكلها ومناكفاتها وخيباتها وتقلبات البشر فيها ..
لينقلك إلى فضاءٍ أرحب وأوسع وأجمل ، تتمتع فيه بكامل حريتك ، عالمٌ أنت فيه الآمر الناهي ، في جوار الله ، وفي صحبة الأنبياء ومن سبقك من الشهداء .
ولو ، لو أنك خُيّرت أن تعود إلى دنيانا ، لرفضت ، إلا أن تعود كي تُستشهد مراتٍ عديدة ، لما عرفت من مكانة وكرامة الشهيد عند رب السماء والأرض ، رب كل شيء ومليكه .
يا شهيد الأردن
هنيئاً لك الشهادة ، فليس كل من طلب الشهادة نالها . فهذا خالد بن الوليد ، سيف الله المسلول ، رضي الله عنه ، بكى عندما جاءته المنيّة وقال :
لقد خضت معارك كثيرة وليس في جسدي موضعٌ إلا وفيه ضربة بسيف أو طعنة برمح وها أنذا أموت على فراشي كما يموت البعير ..
يا أهل عبد المنعم وأحبابه
حقّ لكم أن تفرحوا باستشهاد عبد المنعم ، فسيكون شفيعاً لكم ، يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه ، إلا الشهيد
يا أمه وأبيه
لقد كان لهم ابن اسمه عبد المنعم ، فصار لكم أبناء ، في طول الأردن وعرضه ، يُشبهونه حيوية وطيبةً وشهامة وحبا للأرض ، والأردن واستعداداً للتضحية في سبيل حريته وكرامته وحمايته من كل طامع أثيم .
رحم الله عبد المنعم وأنزل السكينة والصبر على قلوب أهله ومحبيه ، وجمعنا به في مستقر رحمته مع الأنبياء والصدّيقين والشهداء وحسُن اولئك رفيقا .