كفاءة الامتحانات
تساعد الامتحانات على تقييم المستوى التعليمي عند الطلاب خلال الفصل الدراسي، وتوضح نسبة فهمهم للمواد التي يدرسونها، وتتوزع الامتحانات عادةً على المراحل التالية: ( الشهر الأول، والشهر الثاني، والامتحان النهائي )، ويقوم معلمو المواد بإعداد هذه الامتحانات، ومن الواجب عليهم وضع أسئلة تراعي مستويات الطلاب المختلفة بين السهولة، والصعوبة. وتقييم الطلاب عموماً لا يتوقف عند علامات الامتحانات فقط، بل يتم تقييمهم من خلال مشاركتهم في الصف كجزء مهم من المراحل سابقة الذكر، ولكن تظل الامتحانات هي وسيلة التقييم الأولى والمتبعة منذ وقت طويلة؛ لأنها ساهمت مساهمة جليلة في جميع المراحل الدراسية، في البيئة التعليمية.
لقد جاءت فكرة امتحانات الكفاءة الوزارية لطلاب الصفين السادس والتاسع، من أجل تقييم المرحلة الدراسية المدرسية، وانقسم أولياء الأمور بين مؤيدين لهذه الفكرة، ومعارضين لها، وكان من المفاجئ القيام بتسريب أسئلة هذه الامتحانات بطريقة سهلة، فتفاجأتُ عند متابعتي لمواقع التواصل الاجتماعي، لإعلانات يقوم بكتابتها مجموعة من الأشخاص، تخص تسريب الامتحانات، والقيام ببيعها بشكل علني، ومن الأمثلة على هذه الإعلانات، كتب شخص التالي: ( عندي اسئلة امتحان وزاري انجليزي للصف السادس، اللي بده يحكي لي )، وكتب شخصٌ آخر: ( حصرياً اللي عنده أخ أو أخت أو قريب سادس أو تاسع، عندي أسئلة الامتحانات الوزارية، يراسلني عالخاص عشان نتفق على السعر )، وكثيرة هي الاعلانات المشابهة لما ذكرته سابقاً، ليؤدي حدوث هذا الشيء، إلى تغيير مسار هذه الفكرة، من تقييم كفاءة الطلاب، إلى تقييم كفاءة مسربي الأسئلة، بهذه السهولة الواضحة.
إن من قاموا بتسريب الأسئلة، هم أشخاص يفتقرون إلى حس المسؤولية والضمير المهني، وهذا ما يدل بالدليل القاطع على أنهم مقصرين بأعمالهم الإدارية والتدريسية؛ لأن الإدارة المدرسية المتمثلة بالمهنية العالية، لا تتساهل في قيام مجموعة من ( المعلمين ) الغير أكفاء، بهذا التصرف الغير منطقي، بأي شكل كان، لا أريد أن أكيل الاتهامات جُزافاً، ولكن من أهم الأولويات المناطة بالكادرين الإداري والتعليمي، هو المحافظة على سرية هذه الأسئلة، والحيلولة دون وقوع هذا التجاوز الصارخ، ولكن بعض المعلمين ينظرون إلى الموضوع بطريقة مختلفة؛ لأنهم لم يقوموا بوضع هذه الامتحانات للطلاب، ولن يصححوها، فبالتالي ليسوا بحاجة إلى الاكتراث بها، لتقوم مجموعة منهم بتسريبها، ومجموعة أخرى في التساهل مع الطلاب والسماح لهم في الغش أثناء عقد الامتحانات في المدارس، ليكون لهؤلاء المعلمين سببٌ أساسيٌ في فشل هذه التجربة المستحدثة في الامتحانات.
لعل كفاءة الامتحانات تكون في كفاءة تطبيقها، والالتزام بالمعايير التربوية، والتعليمية، في عقدها، والاعداد لها، وأرى أن أي خلل في المرحلة التعليمية، يمكن الإضاءة عليه منذ الصف الأول الابتدائي، وعدم الاقتصار على صفين دراسيين فقط، ولو نظرنا إلى الموضوع برمته، لوجدنا أن أهم مرحلة دراسية يجب أن يتم عقد امتحان كفاءة لها، هي مرحلة الثانوية العامة، والتي تحدد الطبيعة التربوية، والتعليمية، عند الطلاب في هذه المرحلة المهمة من حياتهم الدراسية، ومما ينعكس على كفاءتهم في المرحلة الجامعية، وهكذا تتوضح مستويات الطلاب الدراسية، وتتم معرفة من يريد منهم الدراسة فعلياً، ومن يريد اللهو فقط، وهذا من شأنه المساعدة في توضيح نوعية الطلاب المقبولين جامعياً، مما يساهم أيضاً في النهوض بالتعليم الجامعي.
ومن الممكن أن يتم تقييم المرحلة التعليمية كافة، بعدة وسائل مقترحة، كعقد امتحان كفاءة للمعلمات والمعلمين أيضاً قبل تعيينهم في المدارس، ليوضح مدى وعيهم وإدراكهم للبيئة التعليمية بكافة عناصرها، وكيفية تعاملهم مع الطلاب، وشرحهم للمواد ضمن اختصاصهم بطرق تتسم بالكفاءة، أما بالنسبة لتقييم الطلاب، فمن الممكن القيام بعمل أنشطة علمية، واجتماعية، وثقافية، تطبيقية، يشرف عليها مشرفون تربويون من قبل مديريات التربية والتعليم في المحافظات، تهدف إلى معرفة كيفية تصرف الطلاب، وتعاملهم مع المواقف التي يتم وضعهم فيها، ومدى تفكيرهم وتأقلمهم مع هذه الأنشطة، وذلك يساهم في إبعادهم عن الضغوط التي سيشعرون بها قبل وأثناء عقد الامتحانات، وخصوصاً أن الفكرة المتعارفة عليها، بين الطلاب وذويهم، بأن الامتحانات الوزارية تحتاج لدراسة مكثفة أكثر، وخصوصاً أن أسلوب وضع أسئلة الامتحانات، يختلف عن الأسلوب الذي اعتادوا عليه، من قبل مدرس المادة، لذلك يجب أن يتم تهيئتهم بشكل أفضل قبل خوضهم لهذه التجربة للمرة الأولى، في حياتهم الدراسية.
تعتبر كفاءة الامتحانات، سواء أكانت موضوعة من قبل المدرسة، أو وزارة التربية والتعليم، أساساً مهماً من أساسات التطور شكلاً ومضموناً في البيئة التعليمية، وتساعد في تقييم مستويات الطلاب، ومعرفة أماكن الضعف عندهم، والعمل على تجاوزها، وتعزز مهاراتهم الدراسية، المرتبطة في المواد التي يدرسونها، مما يساهم في إدراك اهتماماتهم التعليمية، ومساعدتهم على تحديد خطواتهم المستقبلية، بعد المرحلة المدرسية، ليكونوا أفراد فاعلين ومتفاعلين، وأكفاء في بيتهم، وحيهم، ومدينتهم، ومجتمعهم.
مجد مالك خضر
mjd.khdr@yahoo.com