0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

هل مرحلة الثانوية العامة الأصعب دراسياً؟

  
تعد مرحلة الثانوية العامة ( التوجيهي ) من المراحل الدراسية المهمة في حياة الطلاب، والتي تساعدهم على تحديد مسارهم الدراسي في الجامعة، ويكون الإهتمام فيها كبيراً، من قبل الطلاب وعائلاتهم، فيحافظ الطلاب على الدراسة الجادة، وتنظيم أوقاتهم، من أجل تحقيق معدلٍ عالٍ يسمح لهم بتسجيل التخصص الذي يريدونه، ولكن وجدت أمورٌ أثرت على مرحلة الثانوية العامة، وساهمت في توجيه مسارها بشكل كلي أو جزئي، في واقع الطلاب وعائلاتهم، لتظل النظرة السائدة لهذه المرحلة الدراسية، بأنها تتسم بالصعوبة، مما أدى إلى تسميتها ( التوجيعي )، عند الكثير من الطلاب، فهل مرحلة الثانوية العامة الأصعب دراسياً؟.
لعل مرحلة الثانوية العامة كمرحلة دراسية مدرسية، لا تختلف عن المراحل الدراسية الأخرى، ولكن البيئة المجتمعية والعائلية أثرت عليها بشكل ملحوظ، فتقوم بعض العائلات بتحويل مرحلة الثانوية العامة إلى كابوس، يعيشه الطالب بشكل يومي، فيبدأ القلق والتوتر يحوم حوله، ويبدأ أفراد العائلة بحثه على الدراسة بشكل أكبر، ليحولوا الدراسة من دراسة عادية إلى شيء مخيف، ومن هنا يتكون عامل مؤثرٌ أيضاً وهو التصرفات التي تصدر عن بعض الطلاب، فيتجه بعضهم إلى التدخين أو كثرة الخروج من المنزل، معللين ذلك بالتنفيس عن ضغط هذه المرحلة، فهكذا يدخل بعض الطلاب إلى حالة عدم المبالاة، بسبب التأثيرات الغير مدروسة، والتي يتعرضون لها من قبل عائلاتهم، وأيضاً نجد بعض الناس حولوا تخصصات الثانوية العامة إلى موضة، ولا شيء غريب في ذلك نعم موضة، فقد سألتُ طالباً عن ما هي رغبته في تسجيل تخصص للثانوية العامة؟، فقال: والدتي تريدني بأن أسجل علمي، (لأنه أولاد عمي وخالي مش أحسن مني )، وتقول له أيضاً: ( ولا همه أذكياء وأنت لأ )، وقد أخبرني بأنه لا يريد تسجيل تخصص العلمي، ويفكر بتخصص آخر، ولكن رأي والدته يجب أن ينفذ، ولأنها تريده أن يقلد أقاربه، ومن باب أن من يدرس علمي يكون ذكياً، تجبره على دراسة تخصص لا يريده، وللأسف هذه الحالة نجدها منتشرة عند أغلب الناس، ويدور في ذهني سؤالين هما: أليس من حق الطالب اختيار التخصص الذي يريده في الثانوية العامة؟، ألا يمتلك كل إنسان قدرات دراسية خاصة به؟.
وأيضاً يتم إستغلال هذه المرحلة الدراسية بشكل تجاري من قبل معلمي الدروس الخصوصية، ومراكز دروس التقوية، فتبدأ إعلانات من قبيل إذا تريد تجميع علامة كاملة في مادة ما، سجل عند الأستاذ فلان، أو إذا تريد معرفة الأسئلة المقترحة للإمتحان الوزاري بإمكانك الحصول عليها من خلال مركزنا، ويتم زيادة أسعار الدروس الخصوصية قبل يوم من إمتحانات الثانوية العامة، ليدخل معلمو الدروس الخصوصية في حالة من المنافسة، كل منهم يريد أن يربح أموالاً أكثر، وسمعة وشهرة بتحقيق طلابهم لعلامات أعلى، وبذلك يتحول العلم والتعليم إلى تجارة مربحة، الهدف الأول منها عند أغلب معلمي الخصوصي كسب المال، ومن ثم تعليم الطلاب والعمل على جعل قدراتهم الدراسية في أحسن حال.

لقد أصبحت الأمثلة سابقة الذكر، جزءاً من واقع مرحلة الثانوية العامة، ويجب أن يتم تسليط الضوء عليها، لما لها من آثار واقعة تؤثر على الطلاب، وعلى البيئة التعليمية، فمنح الطالب حرية في إختيار تخصصه في الثانوية العامة، تساعده على أن يبدع فيه، وأن يحقق المزيد من العلامات المرتفعة، ويجب أن يتم الابتعاد عن أسلوب الإجبار، والتمييز والمقارنة بين الطلاب وأقرانهم، حتى لا يؤثر ذلك عليهم نفسياً وتعليمياً، وخصوصاً مع وجود مجموعة كبيرة من الطلاب، الذين يهابون هذه المرحلة، لما يسمعوه من تهويل لها من قبل طلاب سبقوهم إليها، فالإنسان عموماً يبدع فيما يحب أن يقوم به ذاتياً، طالما يجد نفسه بأنه سيحقق إنجازات ناجحة فيه.
أما بالنسبة لمراكز ( الدروس الخصوصية ) ومعلميها، يجب أن يكون هدفهم الأول هو نجاح الطلاب، قبل أن يكون هدفاً تجارياً بحتاً عند أغلبهم؛ لأن الطلاب عندما يحتاجون إلى دروس خصوصية، يحاولون معالجة النقص الذي ينتج عن بعض المعلمين في مدارسهم، والذين لا يدرسون موادهم على أكمل وجه، وللأسف يوجد من المعلمين ممن لا يعطون الطلاب حقوقهم الدراسية، متجاهلين واجبهم التعليمي، وضميرهم المهني، لذلك يساهمون في ذهاب الطلاب للمراكز ولمعلمين آخرين لتدريسهم المواد التي يعجزون عن فهمها في المدرسة، ومع أن هذه الحالة ليست معممة في كل المدارس، ولكنها واقع موجودٌ في أغلبها، وساهمت للأسف في التأثير على البيئة التعليمية بشكل سلبي.
إن مرحلة الثانوية العامة بكل ما تحمله من تفاصيل مرتبطة بها، هي مرحلة دراسية مهمة، ولكن لا نستطيع أن نصنفها ضمن الأصعب دراسياً، فبإمكان الطلاب، والمعلمين الأكفاء، جعلها مرحلة سهلة ومشابهة لأي مرحلة دراسية، من المراحل المدرسية، من خلال ترتيب خطة دراسية للطلاب قبل موعد الامتحانات الوزارية، يقومون بها بمراجعة موادهم بالإستعانة بمعلميهم، لإعادة شرح الأشياء التي لم يفهموها، وأيضاً يجب أن تتفهم عائلات الطلاب، بأن هذه المرحلة ليست بحاجة إلى الإغلاق عليهم، ومنعهم من التصرف بشكل طبيعي، بل بجعلهم يشعرون بأنها مرحلة عادية يمر بها كل طلاب المدارس، بعيداً عن أي نوع من أنواع الضغوطات، ويجب أن يتم إدراك طبيعة مرحلة الثانوية العامة، مما يساهم في تغيير الصورة النمطية المتعارفة عنها من الأصعب إلى الأسهل دراسياً.
مجد مالك خضر
mjd.khdr@yahoo.com