مؤامرة تجزئة المجيء في الوطن العربي
مؤامرة تجزئة المجيء في الوطن العربي
تعرض وطننا العربي وما زال لمؤامرات صهيونية أمريكية واستعمارية غربية، هدفت وتهدف إلى تجزئته وإعادة رسم خارطته عبر نشر الفوضى التي تؤدي إلى استنزاف طاقاته البشرية والمادية، لتسهيل السيطرة عليه والتحكم بمصير الأمة العربية، وظهرت أبعاد هذه المؤامرة جلية واضحة في الأعوام الأخيرة، وهذه الأيام مؤامرة كشفتها وثيقة صهيونية نشرتها مجلة كيفونيم التي تصدرها المنظمة الصهيونية العالمية في عام 1982م، ومن خلال قراءة نصوص هذه الوثيقة نجد أنها وضعت خطة عمل لما جرى ويجري في العديد من الأقطار العربية، مثل الحرب العدوانية على العراق عام 2003م والتي كان من أهم أهدافها تقسيم العراق أرضا وشعبا على أسس طائفية ومذهبية وعرقية، مثلما تضمنت الوثيقة خطط تقسيم السودان وفصل جنوبه عن شماله وهذا ما حصل، هذا إضافة إلى مخططات أخرى وبشكل تفصيلي لتقسيم العديد من دول المغرب العربي وتقسيم لبنان إلى كانتونات طائفية وتهجير الفلسطينيين إلى الأردن، ولم تسلم مصر من المؤامرة حيث نصت الوثيقة على إقامة دولة مسيحية في سيناء.
لا بد من التذكير بأن مؤامرة تجزئة الأمة العربية قد بدأت، عندما أقدمت الدولتان الاستعماريتان بريطانيا وفرنسا على تقسيم الوطن العربي إلى مجموعة من الدول عبر مشروع سايكس – بيكو ، وإذا ما عدنا إلى نصوص الوثيقة التي تعرض وبشكل تفصيلي إلى تجزئة وتفتيت الوطن العربية إلى دويلات طائفية، وعرقية مما يجعلنا نكتفي بأبرز واهم البنود في هذا المخطط الصهيوني الذي تنفذه الحركة الصهيونية بالاشتراك مع الولايات المتحدة الأمريكية، ودول استعمارية أوروبية على رأسها فرنسا وبريطانيا إلى أن غالبية الشعب المصري من مسلمين السنة ، وأقلية من المسيحيين، والحالة الاجتماعية في مصر توضح إلى أن غالبية السكان تحت خط الفقر، وعلى حافة الجوع، والدولة تعاني من أوضاع اقتصادية وسياسية واجتماعية صعبة, لولا المساعدة الأمريكية التي خصصت لمصر ثمنا لتوقيعها على معاهدة كامب ديفيد، و تشير الوثيقة إلى منع مصر من استعادة سلطتها على صحراء سيناء الغنية بالموارد الطبيعية، و أصبحت مصر بعد كامب ديفيد لا تشكل خطرا عسكريا استراتيجيا على الكيان الصهيوني، خاصة في حال تفكيكها من الداخل عبر بث الفرقة بين المصريين، وهذا ما تشهده مصر هذه الأيام، كما تشير الوثيقة إلى أن تفكيك مصر سوف يؤدي إلى تفكيك العديد من الدول العربية ، وكذلك السودان الذي تعرض لتقسيم ، تنقلنا الوثيقة إلى لبنان حيث تنص على بذل الجهد والعمل على خلق نزاعات طائفية تفضي إلى تجزئته إلى خمس كانتونات طائفية متناحرة، ويمكن أن ينسحب النموذج اللبناني على العديد من الأقطار العربية في المشرق العربي، أما فيما يتعلق بسورية، فتذكر الوثيقة بأنها لا تختلف كثيرا عن لبنان الطائفي وان تميزت بنظام عسكري قوي يحكمها ولكن يمكن لحرب داخلية حقيقية بين الأغلبية السنية والأقلية من الشيعة العلويين حسب ادعاء الوثيقة، يجعل من المشكلة داخل سورية مشكلة خطيرة تصل إلى تقسيم سورية وإضعافها، وتتطرق الوثيقة وبالتفصيل إلى كيفية تقسيم سورية دولة سنية في حلب، وأخرى في منطقة دمشق، ودولة علوية على الساحل، وأخرى للدروز مركزها في الجولان، وخامسة في حوران وشمال الأردن، وهذه القسمة من شأنها أن توفر الأمن للكيان الصهيوني، أما العراق فهو حسب نصوص الوثيقة لا يختلف كثيرا عن سورية إلا كون الشيعة أغلبية والسنة من الأقليات، وان تفتيت العراق مهم أيضا وهذا ما شاهدناه بعد احتلال العراق بفعل القوات الأمريكية الغازية حيث عملت هذه الدولة الامبريالية على خلق فتن وقسمة للعراق على أسس عرقية وطائفية ومذهبية لإضعاف العراق وتسهيل السيطرة على ثرواته النفطية من جهة وتوفير الأمن للكيان الصهيوني من جهة أخرى، وان ما يحصل لسورية هذه الأيام له علاقة بالعراق، أما السعودية والخليج العربي فإن الوثيقة تشير إلى خليط من السنة والشيعة، الذين وصفتهم الوثيقة بأنهم أغلبية في البحرين والإمارات العربية المتحدة، ومجموعات ليست قليلة في السعودية وجنوب اليمن وعمان والكويت مما يسهل عملية تفكيك هذه البلدان، وعلى حد زعم الوثيقة ،
أما فيما يتعلق بالأردن وفلسطين فإن الوثيقة تدعي على أن الأردن في الواقع هو فلسطين، ذلك لأن أغلبية السكان من الفلسطينيين وإستنادا إلى هذا تزعم الوثيقة انه من غير الممكن أن يبقى الأردن على حاله وتركيبته الحالية لفترة طويلة، وان سياسة دولة العدو الصهيوني يجب أن تؤدي إلى نقل السلطة إلى الفلسطينيين سواء أكان ذلك بالسلم أم بالحرب.
وتلخص الوثيقة إلى القول: ” بأن التعايش والسلام الحقيقي سوف يسودان البلاد فقط ، إذا فهم العرب والفلسطينيون بأنه لن يكون لهم وجود ولا أمن دون التسليم بوجود سيطرة يهودية على المناطق الممتدة من النهر إلى البحر وان أمنهم وكيانهم سوف يكونان في الأردن فقط ” .
هذا مخطط لوثيقة تناولت الوطن العربي والعرب، مثلما تناولت أيضا العديد من الدول الإسلامية وبخاصة إيران وتركيا وباكستان وأفغانستان، وتعتبر هذه الوثيقة أساسا لما جرى ويجري هذه الأيام في عدد من أقطار الوطن العربي، مما يجعلها من أخطر الوثائق حيث وضعت مخططات تجزئة وتفتيت الوطن العربي إلى دويلات هامشية ضعيفة مشتتة ضائعة لا حول لها ولا قوة، وقد ظهرت هذه الوثيقة بعد غزو لبنان عام 1982 وبالتأكيد فإنها كانت موضوعة قبل الغزو مما يدل على أن غزو الصهاينة إلى لبنان وصولا إلى مدينة بيروت إنما كان يهدف إلى تنفيذ ما جاء فيها بالنسبة إلى لبنان، وأمام هذه الوثيقة الطويلة.
هل ندرك إبعاد ما يجري الآن وبخاصة في سورية التي تتعرض لعدوان أمريكي – صهيوني أوروبي وتركي ومن يدور في فلك هذه الجهات من أدوات في أقطار الوطن العربي والداخل السوري؟ وما يجري في فلسطين هذه الأيام .
بقلم الكاتب جمال أيوب.