0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

ماذا نريد من حوار الأديان ؟

يحق للمتابع والإنسان بشكل عام أن يتساءل: ماذا تبقى أي متسع لما اصطلح على تسميته منذ عقود « حوار الأديان « ؟ ففي عالم مزقته الحروب وأشكال العنف المدوية التي صارت تتنافس على دمويتها وعلى وحشيتها وإحصاء عدد قتلاها وضحاياها ، وفي بعضها ترتكب حماقات باسم الدين، نتساءل ماذا تبقى للدين أن يقول ؟ وما هو موقع وموقف الدين ازاء ما يحصل ؟ وما هي أسباب الإبقاء على حوار الأديان ؟ وإلى أين المسار ؟
للجواب على ذلك ، عقدت جماعة القديس ايجيديو ( سانت ايجيديو ) التي أسست عام 1968 في روما، من أجل الاعتناء بالفقراء وكذلك لمَد شبكة من التواصل والتبادل الإنساني والفكري مع الأديان الأخرى، مؤتمراً دولياً أكد فيه «صديق الأردن» الكاردينال جان لويس توران، رئيس المجلس البابوي لتعزيز حوار الأديان، أنه ينبغي دخول زعماء الأديان العالمية في حوار من «أجل بناء عالم يسوده السلام».
وقال الكاردينال الفرنسي الذي يبلغ اليوم خمسة وسبعينَ عاماً أنه بالرغم من مأساوية الأحداث التي تحدث في سوريا والعراق والصومال واليمن وأفغانستان ونيجيريا وغيرها، انّه ينبغي الحذر من تحريض الزعماء الدينيين على العنف الناتج أحياناً من تكفير الآخر الديني، مؤكداً أن أحد أسباب الصراعات هو الظلم والاقتتال من أجل الحصول على الموارد الطبيعية وتجارة الأسلحة، متسائلا لماذا يزج باسم الدين في تلك الصراعات ؟
من هنا ، نقول ، انّ الحوار بين الأديان ليس هدفاً بحد ذاته وليس محطة القطار النهائية، فقد مرت البشرية بمراحل الجدليات التي أصبحت اليوم مآثر أدبية بين أتباع الأديان وازدهرت بشكل خاص من القرن الثامن إلى الرابع عشر، وكانت على حدَتها وقوتها تسير بشكل سلمي وصحي وسليم. وحصلت بعدها حروب وصراعات على أسس دينية، وبحث الناس عن طرق « التعايش «بين أبناء المجتمعات الواحدة، وطوَروه إلى طرق «العيش المشترك» و المواثيق الاجتماعية والوطنية، إلى أن وصلنا إلى مرحلة الحوار الفكري والحياتي وتغلب عليه، مع الأسف، صفات النخبوية والمخملية والمجاملات.
واليوم، وإزاء ما يحدث من زج للدين كعنصر أساسي للعنف والقتل والترويع والتهجير، بتنا بحاجة إلى تطوير صيغ جديدة تتمثل في الوقت الراهن بالتركيز على قيم المواطنة والمساواة الدستورية الكاملة، وكذلك على تطوير الأسس التربوية في البيوت والمدارس وأماكن العبادة ومؤسسات المجتمع. وعلى قادة الفكر والدين والأدب اليوم الابتعاد عن الخطابات التقليدية لمكافحة أشكال التطرف والغلو ورفض الآخر، والخروج تلو الكم الهائل من المؤتمرات والحوارات والندوات التي تعقد يومياً، بتصوّرات عملية للوقوف على مظاهر التطرف والتعصب ونشر بذار الاستخدام الصحيح للدين… كل دين.
نعم للدين كلمة يقولها اليوم ، لكنّها بحاجة الى دراسة معمّقة تبتعد عن الروتين الممل والقاتل.