0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

المسار الثوري في فلسطين.. إلى أين؟

   
  
   1- باغتيال القائد الوطني، الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، ومؤسس إئتلاف الجبهة الشعبية لإنجاز أهداف الثورة في تونس، الرفيق شكري بلعيد، تكون ثورة تونس، قد خسرت واحداً من كبار قادة الحركة الوطنية التونسية، وقادة حركة التحرر العربية، وواحداً من كبار أصدقاء فلسطين بشكل عام، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بشكل خاص.
لقد أدرك أعداء الثورة في تونس، الموقع الكبير الذي احتله الشهيد بلعيد، على رأس حزبه، وعلى رأس ائتلاف الجبهة الشعبية وفي صفوف حركة «الشعب يريد: الحرية، والكرامة، الخبز، العدالة الاجتماعية، الدولة المدنية الديمقراطية، المساواة في المواطنة وبين المرأة والرجل»، لذلك بادروا إلى إطلاق رصاصات عليه، وفي أيام موالية على الشهيد محمد البراهمي، أرادوا منها أن يغيروا مسار الحاضر والمستقبل في تونس، وأن يقضوا على الثورة من خلال القضاء على قادتها، وكبار صانعيها، ومفكريها ومنظريها.
لقد اعتقدوا واعتقدت القوى المضادة للثورة أنهم بجريمتهم هذه سوف ينجحون في زرع اليأس في صف الكتلة التاريخية للثورة، وفي لجم وتطويق وإجهاض «ثورة الشعب يريد» وفي شل القوى الثورية. فوجئوا بأن التاريخ لا يخون نفسه، وأن الشعوب لا تنسى قادتها، ولا تتردد، إذا ما تسلحت ببرنامج ثوري واضح الملامح، في اجتياز العوائق ومجابهة الصعاب. لذلك لا غرابة أن نشهد جنازة تشييع القائد بلعيد، وقد تحولت إلى مسيرة تاريخية جديدة، حقنت ثورة تونس بجرعة جديدة، فرضت من خلالها على إعداء الثورة التواري إلى حين ما، وعلى الخصوم في الساحة السياسية النزول عند رغبة الجماهير وإرادتها، ما يؤكد لنا أن دماء بلعيد لم ولن تذهب هدراً، وأن المسيرة التي شارك في قيادتها سوف تواصل الطريق نحو الأهداف التي رسمتها لنفسها. الخبز، الحرية والديمقراطية، المواطنة والتعددية، حرية الضمير والعدالة الاجتماعية.
2- خسرنا الشهيد بلعيد، في وقت تعيش منطقتنا العربية انتفاضات وثورات لم تكتمل..، تحولات وزلازل صاخبة، بعد أن خرج مارد التغيير الثوري من القمقم. وبعد أن وصلت القناعة بشعوبنا العربية بضرورة أن تعود بأوطانها إلى قلب التاريخ، وقد أخرجتها أنظمة سياسات الاستبداد والقمع والإفقار والتجويع والتجهيل والتعمية والتدليس السياسي منه عشرات قرون طوال، ورمتها على قارعة الطريق، تراقب العالم من حولنا يتغير نحو الأمام، فيما نحن نراوح في المكان. والمراوحة في المكان، بينما الأخرون يتقدمون، ما هي إلا تراجع إلى الخلف والتخلف التاريخي مزمناً وراهناً بتحالف السلطة والمال ورجال تسييس الدين وتديين السياسة وفتاوى القرون الوسطى.
لسنا هنا في معرض أن نرسم للحراك والثورات والانتفاضات العربية قواعد تحركها وأفق هذا التحرك، فلكل حركة شعبية عربية قواها السياسية والاجتماعية الخاصة بها، الكتلة التاريخية الطبقية والثقافية والسياسية، صاحبة المصلحة في التغيير في كل مرحلة من مراحل التحولات الكبرى الديمقراطية والاجتماعية والسياسية هي التي ترسم مسارها وتصنع مع الحركة الشعبية مصيرها والتقدم إلى أمام.
نحن قوى التغيير والحداثة، اليسارية الديمقراطية الجديدة والليبرالية الوطنية، شركاء ورواد في هذا الحراك الكبير، من خلال الدور الذي يقوم به كل منا، في إطار، مسار ومصير حركته الشعبية، ونعتقد جازمين أن انتصاراً هنا، هو انتصار لعموم الانتفاضات والثورات العربية الجديدة، فالمعركة الواحدة، وإن تلونت وتعددت أشكالها وأساليبها. الشعارات واحدة وإن تعددت صياغاتها. نناضل من أجل حرية شعوبنا، ومن أجل حقها في الحرية والكرامة الوطنية والإنسانية، من أجل حقها في المواطنة، والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، من أجل حق المرأة في المساواة في المواطنة، من أجل حق الشباب في الحاضر والمستقبل، من أجل حق الوطن بكرامته الوطنية في مرحلة الاستقلال الثاني عن أنظمة «الاستبداد والفساد وبناء برنامج الشعب يريد.. الخبز والكرامة، الديمقراطية، الدولة المدنية الحديثة، العدالة الاجتماعية، الإصلاح الديني»، وعلى هذا تقدم سي محمد البوعزيزي شرارة ثورة شعب تونس من الأقصى إلى الأقصى، عوامل موضوعية ناضجة للثورة في صف الشعب، اكتملت باكتشاف العامل الذاتي الغائب الكبير، والنزول من العالم الافتراضي للثورة إلى الميادين في شارع الحبيب بورقيبة وحي القصبة، في كل تونس بالملايين «الشعب يريد…»
3- نحن في فلسطين ما زلنا نعيش مرحلة التحرر الوطني من الاحتلال الاستعماري الاستيطاني الاحلالي الإسرائيلي، سبقتنا شعوب العرب في إنجاز الاستقلال عن الأجنبي، والآن مرحلة جديدة نحو صناعة ثوراتها الوطنية الديمقراطية التي لن يفر منها أي نظام استبدادي في بلدان العرب.
نناضل من أجل الخلاص من الاحتلال الاستعماري، والفوز بالاستقلال وحق العودة وتقرير المصير، ما يتطلب وحدة شعبنا ووحدة قواه الوطنية واليسارية الديمقراطية والليبرالية الوطنية. هذا ما أكدته تجارب غيرنا من الشعوب، وما تؤكده في كل لحظة تجربتنا الفلسطينية. لذلك لا غرابة أننا نناضل، في ظل أوضاع عربية وإقليمية ودولية شديدة التعقيد، من أجل أن نحقق، في الوقت نفسه هدفين كبيرين لا فصل بينهما.
• الأول إسقاط الانقسام واستعادة الوحدة الداخلية، وحدة الشعب وقواه السياسية على برنامج وطني فلسطيني موحد، برنامج العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة.
• الثاني مواصلة معركة تحرير الأرض، وإنجاز الحقوق الوطنية لشعبنا، في الخلاص من الاحتلال والاستيطان، بدولة مستقلة كاملة السيادة عاصمتها القدس الشرقية بحدود الرابع من حزيران (يونيو)67، وحق اللاجئين في العودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها منذ العام 1948 باعتباره الحل الوحيد العادل والمتفق عليه وطنياً، وكما نص عليه القرار الأممي 194.
4- من أجل بناء وحدة داخلية فلسطينية راسخة، تقوم على أسس ديمقراطية، وتستند إلى برنامج فلسطيني وطني موحد، خضنا سلسلة من الحوارات الوطنية الشاملة منذ العام 2005، وحتى اللحظة، قدمنا مبادرات الجبهة الديمقراطية في البرنامج الوطني المرحلي، برامج القواسم المشتركة، برنامج انتخابات بالتمثيل النسبي الكامل..، من أجل إعادة بناء م.ت.ف، الإطار الائتلافي الذي يضمنا جميعاً ، الجبهة الوطنية العريضة لشعبنا في مرحلة التحرر الوطني في انتخابات شاملة، للسلطة، رئاسية وتشريعية، وللمجلس الوطني الفلسطيني، بموجب قانون الشراكة الوطنية، وقانون التمثيل النسبي الكامل، وهو أرقى القوانين الانتخابية، بما يضمن تمثيل كافة فئات الشعب وقواه السياسية، فصائل وتيارات المقاومة في المناطق المحتلة، وفي مناطق اللجوء والشتات والمهاجر، وبما يرسي الوحدة على أسس ثابتة. وحدة تنظيمية ائتلافية، على أسس ديمقراطية ووحدة في الحقوق الوطنية، ووحدة في التمثيل السياسي. ولا نذيع سرا، إذا قلنا أن هناك أطرافاً نافذة، في فتح وفي حماس، لا ترى لها مصلحة في الوحدة الوطنية بل بنت لها، في زمن الانقسامات مصالح فئوية اجتماعية ومالية واقتصادية وسياسية، لذلك نراها، من موقعها، في كل من رام الله وغزة، وبتمويل مالي وسياسي وإعلامي من محاور الصراع على النفوذ في الشرق الأوسط، الإقليمي والدولي لتعميق الانقسام، وتعمل على تكريس الانقسام، وتعطيل مسيرة الوحدة.
نحن من جانبنا، مستندين إلى دعم جماهيري غير محدود، نتصدى لمثل هذه السياسات، ولا نفقد الأمل في الوصول إلى أهدافنا التوحيدية الائتلافية تحت سقف البرنامج الوطني المرحلي الموحد، نمارس الضغوط الديمقراطية في الميادين وبالأشكال المختلفة من أجل ذلك. مدركين جيداً أنه بدون وحدة داخلية لن ننجح في تكتيل قوانا وتزخيمها في مواجهة الاحتلال والاستيطان، ولا في فك الحصار عن قطاع غزة الشجاع، ولا في إعادة إعمار ما دمره الاحتلال والعدوان، ولا في إطلاق مقاومة شعبية شاملة، ولا في تفعيل حركة ناشطة للاجئين من أجل حق العودة. الوحدة هي طريقنا نحو إنجاز البرنامج الوطني الفلسطيني الموحد، الانقسام العبثي المدمر ثماني سنوات عجاف طريق الفشل والضياع.
5- استراتيجيتنا السياسية الجديدة والبديلة لخيار التفاوض البائس تحت الرعاية الأميركية المتفردة، خارج قرارات الشرعية الدولية، تستند إلى النقاط التالية:
أ) تدويل القضية والحقوق الوطنية الشاملة، من خلال استكمال تفعيل عضوية دولة فلسطين المراقبة في الأمم المتحدة، عبر تنسيبها إلى المؤسسات والوكالات والاتفاقات والبروتوكولات الدولية، بما فيها محكمة الجنايات الدولية، ومساءلة المسؤولين الإسرائيليين أمام المحكمة عما ارتكبوه من جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني وضد الإنسانية، ومواصلة توسيع دائرة الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، وعزل دولة إسرائيل ونزع الشرعية عن الاحتلال، ورفض التطبيع بكل أشكاله مع دولة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني التوسعي، بعد أن جرى التمويه على وجوده باعتباره «شريكاً في السلام»، وليس احتلالاً ينتهك سيادة الدولة الفلسطينية وسيادة شعبها على أرضه، ويصادر حقوقه الوطنية بتقرير المصير والعودة والاستقلال، وينتهك قرارات الشرعية الدولية.
ب) تطوير المقاومة الشعبية الشاملة الجماهيرية والمقاومة المسلحة وصولاً إلى التمرد الوطني الشامل على سلطات الاحتلال، وإنهاء حالة «الاحتلال خمس نجوم»، وتدفيعه الثمن عن إقامته على الأرض الفلسطينية، احتلاله لها، استنزافها، وزحف غول استعمار الاستيطان عليها، وبحيث يصبح الثمن غالياً وباهظاً، ما يدفع به، وبأوساط عديدة داخل إسرائيل للتفكير جدياً بالرحيل عن أرضنا، وبما يحول حياة المستوطنين في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى جحيم لا يطاق، والبديل ثورة ومقاومة وانتفاضات…
ج) تنفيذ قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في دورته السابعة والعشرين (4ــــ5/3/2015) في وقف التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال، والمقاطعة الشاملة للمنتجات الاقتصادية الإسرائيلية، والاتجاه نحو البدائل الوطنية والعربية والأجنبية، في حرب شاملة لأجل الاستقلال والعودة.
كفى 21 عاماً «سلطة فلسطينية تحت الاحتلال بلا سلطة واحتلال بلا كلفة»
حذار من تطويق وإفراغ قرارات المجلس المركزي من محتواها تحت شعار اليمين واليمين الوسط الفلسطيني «توصيات لا قرارات»، والآن قررت اللجنة التنفيذية الائتلافية لمنظمة التحرير(21 مارس 2015) بحضور رئيسها أبو مازن «أن قرارات المجلس المركزي ملزمة للجنة التنفيذية والسلطة الفلسطينية وحكومتها، وليست «توصيات» فهي، صادره عن أعلى مرجعية تشريعية فلسطينية لمنظمة التحرير في الوطن والشتات.
د) بناء اقتصاد فلسطيني وطني، يضمن الصمود للفقراء وأصحاب الدخل المحدود والفئات الوسطى، ويعزز الإمكانات النضالية المالية والاقتصادية في خدمة معركة الاستقلال والخلاص من الاحتلال والاستيطان. وإنهاء الامتيازات وسياسة هدر ونهب المال العام، التي تراكمت على مدار السنوات الماضية بتوجيه من الجهات المانحة وسلطات الاحتلال، «لتشويه القيم» النضالية الفلسطينية.
هـ) تطوير استراتيجية وطنية فلسطينية في الشتات لحركة اللاجئين، بما يوحد نضالات شعبنا، من خلال وحدة حقوقه الوطنية ووحدة تمثيله السياسي في فلسطين المحتلة ، والشتات، في م.ت.ف الائتلافية.
* * * *
على طريق الثورة والائتلاف الوطني الشامل نواصل الطريق، عبر كل أشكال النضال، في الثورة والمقاومة الفلسطينية في الانتفاضات والثورات العربية من أجل حقوق شعبنا الوطنية والمشروعة غير القابلة للتصرف، واسقاط الانقسام العبثي المدمر وثنائيات الأنظمة العربية إمّا وإمّا في بلدانها، والمصدرة إلى الداخل الفلسطيني تحت عنوان ثنائية فتح حماس كما الثنائيات العربية ومنها في تونس قبل ثورة 14 جانفي وبعد الثورة، نهتدي إلى ذلك بتجارب الشهداء ونضالاتهم نقدر عالياً تضحياتهم ونلتزم الطريق الذي شقوه لنا.

المجد للشهداء
الشهداء لا يموتون
الأفكار الثورية لا تموت