ما الذي حل بأمتنا؟؟
تأتي عاصفة الحزم التي تقودها السعودية ويشارك بها الأردن في سياق التصدي للأطماع الإيرانية باستعادة أمجاد امبراطورية فارس وذلك من خلال ذراعيها في الإقليم، حزب الله في لبنان والحوثيون في اليمن. يأتي هذا النخر في الجسم العربي من خلال توفر الأسباب بهذين البلدين حيث التفسخ الإجتماعي الناتج عن المذهبية الدينية التي يسهل إيقاضها وتفعيلها في وجود السيطرة الضعيفة والأمن الرخو وتشتت المصالح وتنوعها. إضافة لذلك وجود دولة في المنطقة تعد العدة وتبني استراتيجياتها وخططها معولة على توفر مثل هذا المناخ المذهبي لتغذيته وتنميته كوسيلة لتحقيق الإنتقام ممن يترضون على عمر بن الخطاب الذي فتح امبراطوريتهم وأخضعها للدولة الإسلامية إبان الخلافة الراشدة.
كانت الإستجابة السريعة من قبل الدول المشاركة إدراكا لخطورة ما آلت إليه الأمور والتبعات اللاحقة في حال استمرار سيطرة الحوثيين على الحكم في اليمن.
تأتي الخطوة متأخرة، مما أعطى الفرصة للحوثيين للتمدد والسيطرة على العاصمة صنعاء. كلنا أنظمة وأفرادا ندرك مدى الخطر الذي تدفع به إيران من خلال دعمها وتمويلها ورأينا تنامي قدرات الحوثيين وتصميمهم على الوصول للحكم محققين تطلعات وتمنيات إيران لتكون لها الغلبة والتأثير في الدول العربية من خلال مثل هذه الأحزاب والتنظيمات.
لماذا دائما نصحو بعد وقوع الفأس بالرأس؟؟ ولماذا لم نتدارك هذا التغلغل الشيعي ونعد له العدة مبكرا؟؟ لو فعلنا لكانت الخسائر أقل والنتائج أكثر إيجابية، إذ كان بمقدورنا حقن الدماء والحفاظ على اليمن كدولة أمنا واستقرارا.
لم يكن أن يحصل ما حصل لو لم يكن هناك تشرذم عربي تحكمه المصالح الضيقة والشعور بأحقية الريادة وأهلية القيادة من قبل بعض الدول. وهذا يقودنا للتنويه لما قاله الأمير سعود الفيصل في المؤتمر الصحفي مؤخرا مع وزير خارجية بريطانيا عن عدم الرضا السعودي “إعطاء إيران صفقات لا تستحقها”، حيث جاء ذلك بعد زيارة ناصر جودة لإيران واستقبال فضل الله الشخصية الشيعية اللبنانية وقد جاء بعدها عمار الحكيم ومن المتوقع زيارة مقتدى الصدر أيضا.
يتبين لنا أن الأردن وكأنه يغرد خارج السرب السعودي مما دفع الفيصل أن يعبر عن ذلك بشكل غير مباشر. وفي هذا السياق نستذكر أن الأردن لديه اتفاقية سلام مع اسرائيل وسيشتري الغاز منها، ويأتي ذلك ضمن حق كل دولة أن تقيم علاقات مع الدول الأخرى وليس من حق الآخرين فرض إرادتهم وتقييد هامش الحركة الديبلوماسية والسياسية والتجارية على أية دولة أخرى مما يعيق تحقيق مصالحها لتبقى تابعة ولاحقة.
جميعنا متفق على أن إيران تعمل على إثارة النعرات والفتن وتغذية الطائفية في المجتمعات السنية وقد أعلن كبارها ذلك صراحة بقولهم لديهم القدرة والأدوات التي تثير القلاقل في الدول العربية. وبذلك تسهل لنفسها إيجاد المداخل ومن ثم التأثير الذي يخدم أطماعها.
ولهذا على الدول التي تنفتح على إيران بعلاقات تقود للتواجد الإيراني على أرضها، أن تتوخى الحيطة والحذر وأن تعالج أي طارئ في الوقت المناسب وتمنع كل ما من شأنه أن يفتح المجال أمامها للنجاح بتحقيق ما تعمل عليه من خلق للفرقة والفتن والصدامات. أما رفع الشعارات المعادية وترديد التحذيرات وإلقاء اللوم على الطرف الآخر، فهذا لن يجدي نفعا إذا لم يقترن بالعمل الجاد والتطبيق.
الخلافات الدينية والمذهبية تسري بالمجتمعات كما تسري النار بالهشيم إذا لم تقاوم وتكافح منذ البداية وإلا سيصعب إن لم يستحيل إطفاؤها وعندها نكون قد خسرنا الكثير وسالت الدماء الغالية وبقيت مصدر تغذية للأجيال لتفريغ احتقاناتهم وأحقادهم كلما توفرت الأسباب.
ختاما، نحيي وقوف الدول المشاركة بعاصفة الحزم مع شقيقتهم اليمن التي كانت سعيدة في غابر الزمن لإخراجها من محنتها وإحقاق الحق ورفع الظلم عن شعبها العربي الأصيل مع دعائنا لجنودنا أن يحقن الله دماءهم ويعيدهم سالمين لوطنهم وذويهم.
حمى الله الأردن والأمة والغيارى عليهما والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com