0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

أزهر عقلك

   في دروب الحياة لا بدّ للإنسان أن يواجه التّحدّيات الّتي تقف عقبة في طريقه نحو بلوغ هدفه ، لكنّه في جبلته يفقد العزم عند تعرضه للفشل غير ما مرّة ، فتفتر همته ، ويغدو أسير يأسه وأفكاره التي تدور في خلده بأنه لا يستطيع المضيّ قدماً ، وأنه إذا استمر في المحاولة سيهزم مرة تلو المرة ، هذا ما أقنع نفسه به ، وأسره في عقله ، لم يكن يدرك أن باستطاعته أن يزهر فكره من جديد ببرمجته البرمجة العقلية اللغوية ؛ حيث تكون بأن يساعد نفسه ويتسلح بالأحلام ، ومعرفته التي تندرج في ثقته بنفسه ، وأن باستطاعته تغيير الكثير من مبادئه وأفكاره السلبية ، وألا يقبل الظروف التي هو عليها ، ليباشر بتقبل مسؤولية تغيير هذه الظروف للأفضل .
لكن هيهات هيهات له أن يفكر من هذه الناحية الإيجابية بعد أن قضى وقتاً في محاولة الوصول إلى حلمه الذي تحطم عند اقترابه من خط النهاية ، فأفقده ذلك الكثير من الأمل ، وبدأ يبرمج عقله على أنه لا يستطيع الاستمرار ، فيكرر هذه العبارة مراراً وتكراراً ، وأن التشاؤم خُلق به ، والحظ ليس له نصيب فيه ، فعبارات الفتور والخمول والكسل راح يتمتم بها ، وفقد الاهتمام بنفسه ، أي : الشعور بالمسؤولية والجرأة المطلقة تجاه نفسه ، بأنه رغم ما يواجه من صعوبات إلا أنها السبب الرئيسي للنجاح ، فقط الذين لديهم الجرأة ليفشلوا فشلاً ذريعاً هم الذين يحققون نجاحاً عظيماً ، فلا يجب أن يتكاسل عن طموحاته .
برمج عقلك باستحضار موقف واجهته في حياتك كان ثمرته النجاح ، فهي أقوى وسيلة تحقق بها أهدافك وأحلامك التي ترجو الوصول إليها ، فإذا قضيت الوقت تستحضر صور الفشل في عقلك فأنت بذلك تحضره لنفسك ، فيجعلك تغرق في بحر الأوهام ، يجب عليك أن تقنع بالتغيير الداخلي لنفسك ، قال تعالى : ” إنّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ” ، فالتغيير يكون منك أنت بعقلك لأجلك .
فلولا وجود عكس للمعنى لما كان للمعنى معنى ، أي : لولا وجود الظلام لما وجد النور ، ولولا وجود اليأس لما وجد الأمل ، ولولا وجود الفشل لما وجد النجاح ، فلو فشلت في أمور حياتك من اجتماعية واقتصادية وسياسية لا تدعها تؤثر على ملايين الإيجابيات في حياتك ، فلولا التحديات التي واجهتها لما تعلمت ، يجب أن تنظر إلى الماضي على أنه حصيلة من التجارب والخبرات التي استفاد منها العقل ، وتنظر إلى المستقبل على أنه أمل في السعادة .
اجعل الأمل شعلة حياتك ولا تجعلها تنطفئ ، واجعل رغبتك القوية هي سبب في هيجانها ليصعب إطفاؤها .
فالمعرفة وحدها لا تكفي ، يجب أن يصاحبها التطبيق والعمل ، فأنت قادر على إنجاز ما لا تتوقع إنجازه بالصبر والتحمل ، وذلك استبشاراً بقوله تعالى : ” وبشر الصابرين ” .
درب عقلك على التفكير بحياة ناجحة وسليمة ؛ ليتمتع بالنجاح الذي حققه عن طريق تحديده للأهداف واستطلاعه على كل ما يفيد العقل البشري ، ويبثّ في روحه الثقة والعزيمة من جديد ، فالأفكار لها قوة إن أحسن الإنسان التعامل معها ، فغص في خلجاتك لتكتشف نفسك من جديد ، لتشعر أنك أفضل من أيّ شخص آخر ، عندئذ ستجدها نوراً يضيء لك الطريق نحو غد مشرق ، بهمّة حدها السماء .
” تفاءلوا بالخير تجدوه ” ، اترك المستقبل يأتي ولا تهتم بالغد ، لأنك إذا أصلحت يومك صلح غدك ، فاقنع بما أنت عليه ، وسلّح نفسك بشتّى أسلحة الأمل .
وفي آخر قطفة من أوراق الأزهار أودّ إخباركم بأنّ كلّ أزهار الغد متواجدة في بذور اليوم ، فلو قُطِفت زهرة من حياتك لا تبتئس بل ازرع بذرة غيرها ، واروها بالحُبّ والكفاح والعمل .

بقلم : ثناء محمد جمعة يوسف حسن .