أزهر عقلك
في دروب الحياة لا بدّ للإنسان أن يواجه التّحدّيات الّتي تقف عقبة في طريقه نحو بلوغ هدفه ، لكنّه في جبلته يفقد العزم عند تعرضه للفشل غير ما مرّة ، فتفتر همته ، ويغدو أسير يأسه وأفكاره التي تدور في خلده بأنه لا يستطيع المضيّ قدماً ، وأنه إذا استمر في المحاولة سيهزم مرة تلو المرة ، هذا ما أقنع نفسه به ، وأسره في عقله ، لم يكن يدرك أن باستطاعته أن يزهر فكره من جديد ببرمجته البرمجة العقلية اللغوية ؛ حيث تكون بأن يساعد نفسه ويتسلح بالأحلام ، ومعرفته التي تندرج في ثقته بنفسه ، وأن باستطاعته تغيير الكثير من مبادئه وأفكاره السلبية ، وألا يقبل الظروف التي هو عليها ، ليباشر بتقبل مسؤولية تغيير هذه الظروف للأفضل .
لكن هيهات هيهات له أن يفكر من هذه الناحية الإيجابية بعد أن قضى وقتاً في محاولة الوصول إلى حلمه الذي تحطم عند اقترابه من خط النهاية ، فأفقده ذلك الكثير من الأمل ، وبدأ يبرمج عقله على أنه لا يستطيع الاستمرار ، فيكرر هذه العبارة مراراً وتكراراً ، وأن التشاؤم خُلق به ، والحظ ليس له نصيب فيه ، فعبارات الفتور والخمول والكسل راح يتمتم بها ، وفقد الاهتمام بنفسه ، أي : الشعور بالمسؤولية والجرأة المطلقة تجاه نفسه ، بأنه رغم ما يواجه من صعوبات إلا أنها السبب الرئيسي للنجاح ، فقط الذين لديهم الجرأة ليفشلوا فشلاً ذريعاً هم الذين يحققون نجاحاً عظيماً ، فلا يجب أن يتكاسل عن طموحاته .
برمج عقلك باستحضار موقف واجهته في حياتك كان ثمرته النجاح ، فهي أقوى وسيلة تحقق بها أهدافك وأحلامك التي ترجو الوصول إليها ، فإذا قضيت الوقت تستحضر صور الفشل في عقلك فأنت بذلك تحضره لنفسك ، فيجعلك تغرق في بحر الأوهام ، يجب عليك أن تقنع بالتغيير الداخلي لنفسك ، قال تعالى : ” إنّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ” ، فالتغيير يكون منك أنت بعقلك لأجلك .
فلولا وجود عكس للمعنى لما كان للمعنى معنى ، أي : لولا وجود الظلام لما وجد النور ، ولولا وجود اليأس لما وجد الأمل ، ولولا وجود الفشل لما وجد النجاح ، فلو فشلت في أمور حياتك من اجتماعية واقتصادية وسياسية لا تدعها تؤثر على ملايين الإيجابيات في حياتك ، فلولا التحديات التي واجهتها لما تعلمت ، يجب أن تنظر إلى الماضي على أنه حصيلة من التجارب والخبرات التي استفاد منها العقل ، وتنظر إلى المستقبل على أنه أمل في السعادة .
اجعل الأمل شعلة حياتك ولا تجعلها تنطفئ ، واجعل رغبتك القوية هي سبب في هيجانها ليصعب إطفاؤها .
فالمعرفة وحدها لا تكفي ، يجب أن يصاحبها التطبيق والعمل ، فأنت قادر على إنجاز ما لا تتوقع إنجازه بالصبر والتحمل ، وذلك استبشاراً بقوله تعالى : ” وبشر الصابرين ” .
درب عقلك على التفكير بحياة ناجحة وسليمة ؛ ليتمتع بالنجاح الذي حققه عن طريق تحديده للأهداف واستطلاعه على كل ما يفيد العقل البشري ، ويبثّ في روحه الثقة والعزيمة من جديد ، فالأفكار لها قوة إن أحسن الإنسان التعامل معها ، فغص في خلجاتك لتكتشف نفسك من جديد ، لتشعر أنك أفضل من أيّ شخص آخر ، عندئذ ستجدها نوراً يضيء لك الطريق نحو غد مشرق ، بهمّة حدها السماء .
” تفاءلوا بالخير تجدوه ” ، اترك المستقبل يأتي ولا تهتم بالغد ، لأنك إذا أصلحت يومك صلح غدك ، فاقنع بما أنت عليه ، وسلّح نفسك بشتّى أسلحة الأمل .
وفي آخر قطفة من أوراق الأزهار أودّ إخباركم بأنّ كلّ أزهار الغد متواجدة في بذور اليوم ، فلو قُطِفت زهرة من حياتك لا تبتئس بل ازرع بذرة غيرها ، واروها بالحُبّ والكفاح والعمل .
بقلم : ثناء محمد جمعة يوسف حسن .