قطر وخيار الصفر السعودي
من خلال قراءة بسيطة للقرارات الصادرة عن قمة مجلس التعاون الخليجي الذي انعقد في العاصمة القطرية الدوحة يوم الثلاثاء الماضي , يقف المرء حائرا لقوة المشروع المفروض على المنطقة برمتها والسرعة في انقلاب السياسات وبمقدار 180 درجة, حيث كان معروفا لدى الجميع بأن قطر انتهجت سياسة خاصة وفريدة حيال ما يدور في المنطقة من أحداث حتى أنها أصبحت تمثل ما قد نسميه الرأي الآخر أي الخارج عن المألوف المذعن لرياح التغيير الغربية في المنطقة , فقد كانت الداعم الرئيس لحركة حماس وللاخوان المسلمين في مصر والمنطقة برمتها وشكلت في سياستها ورؤيتها من قضايا المنطقة حلفا ثنائيا مع تركيا , وقامت بتوجيه قناة الجزيرة كأحد أدواتها الاعلامية النشطة في ذلك الى جانب نشاطها الدبلوماسي الدؤوب , ولا أريد الخوض هنا بتفاصيل ملفات قضايا المنطقة والدور القطري في ادارتها كملف غزة وحماس وملف مصر ( مرسي , سيسي, أخوان ) والملف الليبي والسوري والعراقي و……الخ أختصر قائلا بان السياسة القطرية بتحالفها مع السياسة التركية حينا أو بمفردها أحيانا شكلت ما قد نسميه محورا مستقلا في المنطقة ان صح التعبير وانعكس ذلك على كل الجماهير العربية التي تشاهد قناة الجزيرة تلك القناة التي لعبت دورا هاما ورئيسيا ولا زالت في حراكات الشارع العربي وما سمي بالربيع العربي , ان كل ذلك كان يشكل خطا مخالفا لخط باقي أعضاء مجلس التعاون الخليجي مما شكل خلافا عميقا معها بل أعمق بكثير من أن يجري الاتفاق على الحل من خلال مؤتمر لم تتجاوز مدة انعقاده الساعتين فقط , حتى ولو كان هناك مباحثات ومشاورات مسبقة بشأن ذلك وخصوصا ما جرى في قمة الرياض الاستثنائية , لأن ما تم التوصل اليه لم يشكل بأي حال من الأحوال حلا وسطا بين رأيين متعارضين ولا تقريب لوجهتي نظر مختلفتين حول موضوع ما , وانما شكل تغييرا جذريا لسير اتجاه القطار القطري بعد مسير ما يزيد على العقدين من الزمن في ذلك الاتجاه بل قد تشكل مقررات هذا المؤتمر عملية قفز للساسة القطريين من قطارهم الى القطار الخليجي بقيادة السعودية في اطار ما قد يسمى بالعودة الى السرب الخليجي , وبذلك تكون قطر قد أذعنت كليا لخيار الصفر السعودي وهو الموافقة على كامل الشروط غير منقوصة وأهمها المتعلقة بالملف المصري والاخوان وقناة الجزيرة والا فلا مصالحة ولا مؤتمر في الدوحة ولا حتى سفراء بيننا , وهنا جاء الأختيار القطري بقرار يشكل منعطفا هاما وخطرا في تاريخ السياسة القطرية وسوف يكون له انعكاساته المباشرة على مجمل ملفات وقضايا المنطقة بل اضافة انتكاسة جديدة من مسلسل الانتكاسات التي تسبب بها ما يسمى القوميون العرب لأن هناك الكثير من هم ينظرون الى قطر ويعتبرونها هي ما تبقى لهم من أمل بعد الله وقد يشكل غياب دعمها لهم ان حصل ذلك سببا مضافا جديدا من أسباب الجنوح الى مزيد من التطرف في المنطقة , وخصوصا اذا تبع تلك المقررات دعما ماليا ومعنويا لنظام السيسي الأمر الذي ينبغي معه وقف دعم الأخوان المسلمين وتوجهاتهم في مصر والمنطقة برمتها بما في ذلك حركة حماس والوضع في غزة وما قد يترتب على ذلك من انعكاسات في العلاقات مع قيادات الأخوان المقيمين في قطر . هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لا تقل أهمية عن سابقتها وقف التحالف والتنسيق مع تركيا وسياساتها في المنطقة برمتها وبما في ذلك ما يدور في ليبيا, ولا شك بأن كل ذلك سينعكس أيضا على قناة الجزيرة وتوجيهاتها وتغطيتها وقد يصل الآمر الى مدى مصداقيتها حول كل ما يدور في المنطقة من أحداث , وعلى كل الأحوال هناك أسئلة كثيرة قد تطرح حول نتائج مقررات مؤتمر الدوحة لمجلس التعاون الخليجي وانعكاساتها على قضايا المنطقة والعالم هذا ما سيجيب عليه مستقبل الأيام .