0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
previous arrow
next arrow

مشروعنا الحضاري … من التقزيم إلى التلزيم

 

وكالة الناس – د. رجائي حرب
إن الناظر إلى الواقع العربي والاسلامي ليجد بأن أمتنا قد غرقت بشر أعماله ولم تصنع المشروع الحضاري أو الثقافي الذي يأخذها للمستقبل لتحافظ على كيانها أو تحجز لنفسها مكاناً بين الكبار وبين مشاريع المنطقة.
ورغم نداءات الاستغاثة التي نطلقها كمثقفين بعيدين عن الانحياز لهذا الطرف أو ذاك ودعواتنا الدائمة لبناء المشروع الحضاري، إلا أن صناع السياسة وأرباب الإدارة العامة في دولنا ما زالوا لا يسمعون؛ لأنهم تحت تأثير المنافقين والمتنطعين الذي يشوهون صورنا ويقلبون الحقائق لتصويرنا كأشخاص لنا اجنداتنا الخاصة، وليبقوا متنعمين بترف السلطة والمكاسب.
والله يشهد أن دعواتنا ما هي إلا لمصلحة العموم وكل الناس، ودوماً نعود إلى المربع الأول من الغوص في رمال الجهل والضياع، حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه وعلى كل المستويات الشخصية والوطنية والاقليمية والحضارية.
وأمام هذه الشعوب العربية المصابة بالموت السريري والشلل التام والعجز الناخر في عظام الأمة بأكملها، وأمام هذا الانغماس التام من قبل الشعوب في السعي المضني لتحصيل ضروريات الحياة، وسد الرمق وتوفير لقمة العيش، وتأمين ظروف الحياة في أنظمةٍ سياسيةٍ خاويةٍ على عروشها وآخر همها مواطنيها.
هذا الواقع المتأزم، وهذا المخطط الكبير بحجم مؤامرةٍ عالميةٍ تقودها أيادي خفية لا يظهر منها إلا أطراف أصابعها، تدير كل السيناريوهات لمصلحة دولة واحدة هي إسرائيل، والتي تمثل الوجه السياسي لأيدولوجية صهيونية خطيرة لا تعرف المستحيل، ولا تعترف بقيمة الإنسان بقدر ما تعترف بقيمة عرق واحد يرى نفسه فوق كل البشر، والبشر من دونه حيوانات قتلهم لا يمثل خطيئة.
وأعود لأسأل أمتي وأقول: إلى متى سنبقى أمام أعداء أمتنا مهزومين وننتظر منهم كل يوم إطلاق وعودٍ جديدةٍ لإسرائيل على حساب وجودنا ومستقبلنا وعلى حساب مشروعنا الحضاري؟!
إلى متى سيبقى شطرُ كبيرٌ من أئمتنا وشيوخنا ومن يسمون أنفسهم برجال الدين منشغلون بالتكفير، وإخراج بعضهم البعض من الملة، في حين لا يقوى أحدهم على التفكير ولو لمرةٍ واحدة بإطلاق نداءات الوحدة بين الشعوب، وإعلان الجهاد في سبيل الله ودفع هذه الجموع من الشباب الثائر لتحرير أقدس مقدساتنا، ودفع البلاء المستطير عن إخوتنا في فلسطين؟!
إلى متى سنبقى منشغلون ببعضنا وعدونا الأوحد إسرائيل تأكلنا واحداً تلو الآخر وتسرح وتمرح في دولنا حتى عدها البعض أقرب إليه من شقيقه العربي أو المسلم؟!
إلى متى يا رب سنبقى في هذا التيه الذي تعدى تيه اليهود أيام سيدنا موسى في صحراء سيناء؟!
علينا أن نستيقظ من سباتنا الذي طال ومن غفوتنا التي استفحلت ومن ضياعنا المفروض علينا.
فتعالوا إلى كلمةٍ سواءٍ بيننا لنقوم بعملية تثقيفٍ شامل مع بداية هذا العام الجديد؛ يشمل كل حياتنا، لنعيد بناء الإنسان، وبناء الأهداف التي تأخذنا للأمام، وتجعلنا قادرين على الوقوف بإنساننا ومقدراتنا ودولنا لتحقيق الطموح بالبقاء وتوفير الحياة الأفضل لأجيالنا القادمة.
دعونا نقود عملية تثقيف لوأد الجهل وقتل الجمود الكامن في مجتمعاتنا لنتوحد على قيمنا وأهدافنا وغاياتنا، دعونا مع بداية هذا العام ننفض غبار اليأس والاحباط ونصرخ بأعلى صوتنا أن لا بد من تغيير حياتنا لنصبح مؤهلين لدخول المستقبل.
دعونا نحب بعضنا البعض ونتمنى الخير لشعوبنا ونفوت الفرصة على الحاقدين والمتملقين الساعين لتفريقنا ونقول لهم خسئتم يا شراذم البشر ويا خفافيش الظلام.
دعونا نقرأ خارطة المستقبل بوعي كي نكتشف أن الذين رسموها لم يتركوا لنا موطيء قدم فينا؛ وبالتالي بات من الضروري أن تكون لنا الكلمة سيما ونحن لدينا كل عناصر القوة من مخزونٍ ديني وإرث حضاري وإنسان عربي شاب متقد حماسةً وينتظر من يعلق له الجرس ليبدأ مشروعه الحضاري.
إنني كلي ثقةً بأن كلامي سيجد الآذان الصاغية التي ستسمع وتقرر التحرر من ضعفنا الداخلي ومن صمتنا الذي صار سمة حياتنا ومن الجمود الذي زرعه الإحباط في بواطننا، وكلي ثقة بأن هذه الأمة ولَّادةً ولن تبقى على هذا الحال، وكلي ثقة بأن الصبح قريب.
كل عام وانتم سائرون لصناعة مستقبل أمتنا العظيمة.