رسائل بعد التكليف
بسم الله الرحمن الرحيم
قبل ساعات قليلة على نهاية نهار يوم الاثنين المصادف 11/8/2014 قدم السيد ابراهيم الجعفري بصفته رئيس التحالف الوطني مرشح التحالف السيد حيدر العبادي إلى رئيس الجمهورية السيد محمد فؤاد معصوم لغرض تكليفه بتشكيل الحكومة كون التحالف الوطني هو الكتلة البرلمانية الأكبر ، وجرت مراسيم التكليف بحضور رئيس البرلمان وعدد من القيادات السياسية . ورغم ما أُثير ويثار حول مدى دستورية التكليف من عدمه ومطابقته للقوانين والنظم البرلمانية إلا إنها أصبحت أمر واقع في الساحة السياسية العراقية وعلى الجميع التصرف بحكمة ومسؤولية اتجاه التحديات التي يمر بها البلد . فالأهم من كل شيء بالنسبة للمواطن العراقي هو ما تختزنه قادم الايام مابعد التكليف فأما أن يكون ذلك خطوة نحو الحلول الناجعة لازمات البلد أو إضافة أزمة إلى الأزمات .
وانطلاقا من تضامنية القضية ومسؤولية الجميع وتأملا في التجربة المريرة للسنوات السابقة وما أنتجته من حالات فشل وأزمات وأحيانا كوارث ونكبات كان للجميع سهما فيها والعاقل هو من يستفاد من تجاربه لا من يكررها ، وحسب فهمنا البسيط ومن مبدأ المشاركة والتشاور نود مع كامل الاحترام والود أن نبعث بعض الرسائل إلى كل من
التحالف الوطني
بكونها الكتلة البرلمانية الأكبر وكتلة رئيس مجلس الوزراء والكتلة الممثلة للأغلبية في المجتمع العراقي ، فأن هذه الأغلبية أيها السادة تستحق أداء أفضل بكثير مما عليه الآن أو في ما مضى ، فإننا نقف حائرين وبذهول شديد أمام الأداء الهزيل الذي شاهدناه طيلة الفترة الماضية للتحالف وما يزيد في الاستغراب هو وجود الكثير من المكونات والشخصيات داخل التحالف ممن لهم تاريخ طويل في العمل السياسي والجهادي ناهيك عن العمق المعرفي والثقافي لأيدلوجية التحالف المفروضة وهذا لا يتناسب مع الأداء الضعيف جدا للتحالف بمنظومته الكلية ، لانريد أن نخوض في عرض السلبيات ونحيلكم إلى بعض الأمور التي قد لاتكون غائبة عنكم ، لكن من باب التذكير والتأكيد .
لابد أن يكون هناك نظام داخلي للتحالف يضمن العمل المؤسساتي للتحالف ويسهم في تطبيق البرامج ويحكم آلية عمل أعضاء التحالف مع التوصيف الواضح لكل الأعضاء والواجبات ، بما يبين من غير لبس وضوح المنهجية ووحدة الموقف وتوحيد الرؤى وان لا يتصرف كل مكون من مكونات التحالف حسب مصلحته الحزبية أو الشخصية .
وبما إن التحالف هو المسؤول الأول عن تكليف رئيس مجلس الوزراء ومن ثم تأليف الكابينة الوزارية ، فالأولى بالتحالف أن يكون أول المراقبين والمحاسبين لأداء الحكومة وان يكون الجميع مؤمنين إن نجاح الحكومة نجاح للتحالف بكل مكوناته الحزبية كما إن الجميع مسؤول عن حالات الإخفاق لاسامح الله تعالى .
كذلك لابد من كتابة نظام داخلي أو قانون لمجلس الوزراء بالتزامن مع مباحثات تأليف الكابينة الوزارية وانه لايتم منح الثقة للحكومة مالم يكن هناك نظام داخلي يتم بموجبه مراقبة السلطة التنفيذية ، لا أن تمنح الثقة حسب عدد الحقائب الوزارية لكل تيار أو كتله أو مكون .
ومن الضروري جدا انفتاح التحالف على جماهيره والاستماع إلى نبض الشارع بمصداقية وأمانة ، مع وضع الآليات التي تسمح لبعض قنوات الضغط الجماهيري بمساحه كافية للمساهمة في صياغة وبلورة بعض الأفكار والقرارات .
والأهم من ذلك كله على جميع مكونات التحالف بأحزابها وكتلها وتياراتها وأشخاصها أن تعي حقيقة مهمة مفادها إن الغالبية العظمى من جماهير التحالف تعتبر مقام المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف الحد الفاصل بين الحق والباطل وان أقوال وأفعال وإقرار المرجعية بل وحتى التوضيحات والتلميحات الصادرة عنها إنما هي أوامر حتمية لابد التقيد بها وعدم تجاوزها أو الالتفاف وتأويل توجيهاتها ، وذلك للفهم الكامل الغير منقوص لدور المرجعية ومكانتها وإنها المقياس بين الغث والسمين وهي البوصلة التي دائما تشير إلى رضا الباري عزوجل ومصلحة البلاد والعباد . لذا على جميع مكونات التحالف فهم ذلك والاستفادة من التجارب .
حزب الدعوة الإسلامية
أود في هذه الرسالة تذكير الإخوة في حزب الدعوة الإسلامية بأمرين
أولهما إن هذه التجربة في رئاسة مجلس الوزراء هي التجربة الثالثة فبعد حكومة السيد الجعفري والسيد المالكي (دورتين) جاء الآن دور السيد العبادي ، إذن لابد من الانتباه الشديد والحذر في الأداء والاستفادة من التجربتين السابقتين وتصويب الأخطاء الماضية وإعطاء صورة جديرة بدماء الشهداء وتضحيات شباب الحزب عسى أن يكون ذاك تعويضا وانتصارا معنويا لذوي الضحايا ، وكون هذا الأمر ذو شجون وجراحات لا أريد فتحها أكتفي بهذا ، والحر تكفيه الاشاره .
أما الأمر الثاني فأقوله برمزية واختصار شديدين على قيادات الحزب مراجعة الأداء السياسي للحزب والعود هبه إلى أدبيات ومنهجية الشهيد السعيد أية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر قدس الله نفسه الزكية وفاءا وإخلاصا وأمانتا للانتماء للسيد ، وتشذيب ذلك الأداء من الجذور الاخوانية التي علقت به حتى أصبحت عرفا حزبيا تتناقله الأعضاء ويثقف بعضهم البعض به فالتعامل بفوقية مع الآخرين وادعاء التفرد بامتلاك الرأي الصائب والمعرفة وقهر الشريك بمصداق القول (لا أُريكم إلا ما أرى ) ، والاستئثار بالرأي والادعاء بامتلاك الرؤيا الكاملة والمعرفة المطلقة ، وعدم قبول النقد ، ومقولة إن المكتب السياسي فوق الجميع و غيرها من الأمور التي لابد على قادة الحزب من الوقوف عندها طويلا ويدققوا التأمل عسى أن يكون ذلك في ميزان أعمالهم كفارة عن كراس الحذف سيء الصيت .
الشركاء في العملية السياسية
على جميع القوى الحزبية والتيارات السياسية الاضطلاع بالدور الوطني من اجل النهوض بالبلد ، والابتعاد عن لغة التخوين وخلق المخاوف والأوهام واجترار الماضي لتسخيره لمنافع حزبية وشخصية ، وان لايدعي أي سياسي الولاية وينصب نفسه حامي لتلك القومية أو ذاك الدين أو هذا المذهب أو العرق وإنما ليساهم كل من لهو القدرة في بناء دولة المؤسسات الكفيلة بخدمة وحماية جميع أبناء الشعب العراقي من دون النظر إلى القومية أو الدين أو المذهب أو العرق ، كما إن على الجميع الابتعاد عن لغة استدرار العطف واستجداء المعونة من الخارج بحجج ومبررات غير حقيقية لما يجره أي تدخل خارجي من ويلات ونكبات لعموم الشعب العراقي ودون تمييز وبدل من ذلك علينا أن نغلب لغة الحوار والمكاشفة والصراحة في حل خلافاتنا بأنفسنا كشعب واحد . وهذا الأمر يتطلب الوعي التام لجميع أبناء الشعب وان يقفوا موقف موحد اتجاه أي سياسي ينادي بالتفرقة والطائفية والعنصرية بحجة حماية الطائفة والقومية .
أعضاء مجلس النواب
لابد أن يعي جميع أعضاء مجلس النواب في دورته الحالية حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم في ظل الأوضاع الراهنة وان يراعوا الله سبحانه وتعالى في أي قول أو فعل وان تساهم السلطة التشريعية بشكل فعال وجدي في حل الأزمات العالقة وتقويم العملية السياسية من خلال تشريع القوانين ذات العلاقة ومنها على سبيل الذكر لا الحصر الإسراع بإقرار الموازنة وتشريع قانون مجلس الخدمة الاتحادي وقانون الخدمة المدنية وقانون العمل والضمان الاجتماعي وغيرها مما له مساس مباشر بحياة الفرد العراقي . أما القوانين التي ممكن أن تساهم في تقويم العملية السياسية نذكر منها قانون المحكمة الاتحادية ومجلس الاتحاد وقانون تشكيل الأحزاب ولابد من تشريع قانون انتخابي موحد لجميع الانتخابات يكون أكثر واقعية في تمثيل إرادة الناخب على الساحة السياسية ، ولضيق المقام سوف نذكر بعض المسودات المقترحة لتلك القوانين في وقت لاحق إن شاء الله تعالى .
أما الرسالة الأخيرة فهي إلى الشعب العراقي الكريم
فمن باب المسؤولية التضامنية أوصي نفسي وشعبي أن ندرس تجاربنا وتجارب الشعوب الأخرى جيدا ونخرج بحقيقة تاريخية أن البقاء للشعوب وليس للحكام فعلينا أن لا نصنع الأصنام ولا نمجد الجلادين ولا نركن للظالمين ، وان لا نحترم من يسرق قوتنا ولا نقبل بالفتات من الأشياء ولا نجامل على حساب مبادئنا ، وان نسمع ما يقال لا من يقول وان نعرف الرجال بالحق لا أن نعرف الحق بالرجال ، أن نشكر من يقوم بأداء واجبه دون الاستغراق في المديح حتى لا يتحول أداء الواجب إلى منة أو تفضل علينا نستعبد لأجله ، وان نشير إلى كل من يقصر في أداء واجبه وان استطعنا محاسبته فعلنا ، وأن لا نسمح باستخفاف عقولنا لان فرعون أستخف قومه فأطاعوه .
أحمد شهد عواد
كتب في ذي قار
بتاريخ
12/8/2014