عاجل
0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

العقاب واصلاح المجتمعات

يأتي مقالي هذا بمناسبة إقترابنا من أعتاب الذكرى الأربعين لرحيل الشاب (م . وسام حداد ) الذي إنتقل إلى رحمة الله نتيجة إطلاق عيار ناري أنهى 28 عاماً من عمر شاب أردني إعتنق حبِ وطنهِ ومدينتهِ وأسرتهِ ديناً وعقيدة .
رحلَ هذا الشاب وترك غصةً في وجدانِ مجتمعنا الأردني الذي لم يعتد على جرائمٍ أصبحت تُرتَكب في وضح النهارِ وفي طريق عام ودون مبررٍ مقنع على يد أشخاص بعيدين كل البعد عن الإنتماء للمجتمع و احترام تقاليده وأعرافه الأخلاقية حيث إتخذوا من السلاح وسيلةَ قتلٍ أصبحت بمتناول أيديهم وراحوا يُشهرونه في وجه المواطنين كوسيلة للإنتقام او القتل العمد لتصفية الحسابات او غيره دون وجودِ رادع او خوف من القانون.
قُتل وسام وهو في طريقهِ الى عملهِ سالكاً الطريق المعتادة دون أن يدري بأنها ستصبح يوماً ما دربهُ الى رحلةِ اللاعوده على يدِ شابٍ حملَ سلاحاً لأولِ مرة مصوباً إياهُ على إحدى وجنتيهِ دون أن يعطيهِ فرصةً ليُدافع عن نفسهِ وليُجسد المُجرم بذلك أكبر معاني الغدرِ ويُغرق قلب كل مواطن يعرف معنى الشهامة والرجولة في بحر القهر والألم . وعندها انطلقت الأصوات مندايتاً بتطبيق عقوبة الإعدام لا بدافع الإنتقام وإنما بدافع حماية أبناء و بنات بلدنا من يد غادرٍ جبان , عقوبة الإعدام قد تكون عقوبة قاسية ترفضها المجتمعات المتقدمة بحق الإنسانية , لكن إنتشار الجريمة في بلدنا أصبح ظاهرةً وليسة مجرد مشكلة عابرة وذلك نتيجةً لتردي الظروف الإقتصادية والإهمال في حلِ المشاكلِ الإجتماعية وهياء اشخاص يعانون الفقر والبطالة والإهمال وسؤ التربية لأن يصبحوا مجرمين ومحترفي للجريمة ناهيك أن سهولةِ الحصول على سلاحٍ ساهم في انتشارها داخل المجتمع. وعلينا أن ننوه الى ان الهدف من العقاب كما يُشير علم النفس هو تعديل السلوك ونحن في الأردن وفي هذا الوقت بالذات بحاجة إلى تعديلِ سلوكِ مُجتمعاً بأكملهِ من خلالِ وضعِ عقوباتٍ رادعة تُوقف كل من تسول لهُ نفساً لإنشاءِ مسرحاً لجريمة نكراء ليقف عند حدهِ ويحسب حساب لهيبة الدولة , دولة المؤسسات التي بنُيت على أُسس الدستور والقانون والعادات والأعراف الإجتماعية والأخلاق الدينية ,فإذا لم يحسب المجرم حسابهُ للاخلاقِ والعادات والتقاليد فعليهِ أن يحترم القانون الذي يجب أن يُفرض لحماية المواطن وممتلكاتهِ وحماية ِالوطن ومقدراته , فهيبةُ الدولة تفرضها مؤسسات الدولة ويحترمها المواطنون .
وسام حداد لا تربطني به صِلة دمٍ أو قرابةٍ أو حتى صداقةٍ و لم تجمعني بهِ الأيامُ أبداً , ما جمعُني بهِ فقط أن كلانا يحملُ رقماً وطنياً مُنحنا إياهُ يومَ ولدنا أردنيين وأصبح رمزاً للإنتمائنا , هذا الرمز قد تختلفُ أرقامهُ أو تتشابه وقد تختلط مع بعضها لتُشكل تواريخاً جميلة وحزينة من تاريخِ بلادنا الحبيبة التي حضنتنا وجمعتنا على أرضها الطيبة لكن طريقةِ قتلهِ زرعت القهر في قلب كل إنسان يعرف معنى الرجولة .
رحل وسام تاركاً أهله واقاربه مرتدين السواد وقلوبهم منغمسة في ظلمة الحزن باحثين عن سبب إختفاء ضله من البيت والحارة, لم يجدوا ما يقنعهم برحيله سوا أنهم سلموا أمرهم لله الذي إسترد روحه .
رحلَ وسام تاركاً رفاقهُ الذين بكوا رحيله ,,, تاركا بينهم الذكريات ,,, وترك معهم طموحاً وآمالاً قد تشاركوا فيها وصاغوها في مخيلتهم فهم شباباً وثقوا أنهم يعيشوا في بلد الأمن والأمان جالوا شوارعه وحاراته بحرية دون خوف,,, هؤلاءالشباب لن ينسوا أبداً بأنهم فقدوا رفيقهم العزيز بطلقةِ غدرٍ في وطنٍ لوّنوه بأحلامهم الذهبية ورسموا على جدرانه أفكارهم وتغنوا برجولةِ وصفي وهزاع ….
وسام : هو كل أردني يمكن أن يُغتال دون مبررٍ , هو كل شابٍ في هذه البلاد يمكن أن يكون حكاية ألمٍ جديدة في أسرة اردنية . رحم الله وسام ,,, ورحم الله “اختنا نور العوضات ” ,,, ورحم الله كل مواطن سيكون ضحية لمستهتر لا يقيم حسابا لهيبة الدولة .

*******************************
طارق صالح حجازين
Terri_1981h@yahoo.com