سقوط أمريكا الأكيد
وكالة الناس – د. رجائي حرب
منذ عدة سنوات وما زال يجول في خاطري نفس السؤال وأحاول أن أبحث له عن إجابة وهو: هل صحيح أن التاريخ يعيد نفسه وأن ما حدث قديماً يحدث حديثاً ومستقبلاً؟
عندما حاولت جهدي لأبحث في كتب التاريخ ومسيرة الإنسان على الأرض، وجدت أن الصراع هو السمة المشتركة في التاريخ البشري، وقد قامت الحروب التي أهلكت ملايين البشر وغيرت دورات الحياة لتنتهي مرحلة وتبدأ مرحلة أخرى تأخذ البشرية إلى واقع جديد واستحقاقات تحاول جعل سمة التعايش هي أساس العلاقة بين البشر.
وخلال مرحلة بحثي عن إجابة هذا السؤال وقع في يدي كتابين: الأول بعنوان (الحرب العالمية الأخيرة قادمة، والذي صدر عام 2008، للكاتب العربي الكبير الدكتور منصور عبد الحكيم) والذي شكل صدمةً كبيرةً لي من هول المعلومات وحجم المؤامرات التي يسردها الكاتب طوال الفترة الزمنية التي تمتد منذ ثلاثماية عام وحتى الوقت الحالي للوصول إلى تأسيس الأسباب التي تؤدي إلى إشعال الحرب العالمية الثالثة التي ستكون نهاية كل البدايات.
والكتاب الثاني بعنوان (الموجة الثالثة، والذي صدر عام 1980، للكاتب الأمريكي ألفين توفلر) ورسم فيه معالم الطريق للدخول للمستقبل الجديد بعد مرحلة انهيار الاتحاد اليوغسلافي والاتحاد السوفييتي والعراق وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها خلال أربعين عاماً من سنة تأليف الكتاب، وقسم فيه التاريخ لثلاث موجات: الموجة الزراعية قبل عشرة آلاف سنة، ثم الموجة الثانية الصناعية التي عاشها العالم من فترة الثورة الصناعية ولغاية الوقت الحالي، وستنتهي فيه الأيديولوجيّاتِ
وقد لاحظت من خلال مطالعتي وكأن الكاتبان يحاولان بطريقتهما الخاصة الوصول إلى النتيجة النهائية كُلٌّ بطريقته؛ وبمراجعة ما يحصل بالعالم منذ أمدٍ بعيد نجد أن هناك خطة شاملة ومؤامرة كبيرة محبوكةً بطريقةٍ جهنميةٍ يسعى المخططون للوصول من خلالها إلى ما يريدون.
وقد عبر الكاتبان عن الإرهاب الذي تمارسه القوى الخفية التي رسمت مخططات المؤامرة الكبرى لتفكيك الوضع الدولي والدخول في المرحلة اللاحقة، والتي لا تسمح لأحد برفض التغيير أو الوقوف في وجه مخططاتهم؛ وقد رأينا تلك القوة الارهابية ماذا فعلت عندما رفض الرئيس اليوغسلافي ميلوزوفيتش والرئيس الروماني نيكولاي تشاوتشيسكو والرئيس العراقي صدام حسين، فكرة التغيير وكيف أطاحوا بهم بالقوة.
فبالأمس القريب تم تفكيك الاتحاد السّوفييتي ما بين عامي 1989-1990 على يد الرئيس غورباتشوف والذي كان أحد طلاب مؤلف كتابنا أعلاه ألفين توفلر، وأكمل التفكيك من بعده الرئيس بوريس يلتسين الذي أنهى فكرة الاتحاد السوفييتي برمتها؛ وتبعه بعد ذلك تفكيك الاتحاد اليوغسلافي بالقوة الظالمة وانهيار المنظومة الشيوعية، ورومانيا التي كان لها وزناً إقليمياً كبيراً لا يمكن تجاهله؛ ثم جاء دور العراق، فتم تدبير المكيدة الكبرى له باحتلال الكويت وإيقاعه في المصيدة في النهاية.
واليوم، ندخل حسب وصف الكاتبان في آخر مرحلة من مراحل التغيير الأخيرة والتي لم يتبق منها إلا خطوتين هما: تفكيك الولايات المتحدة الأمريكية ونهاية دولة إسرائيل بانتهاء الايدولوجية الصهيونية؛ وعلى ما يبدو فإن الولايات المتّحدة الأمريكيّة قد دخلت (مرحلة التفكيك) ذاتها التي دخلتها الدول التي سبقتها، حيث كشفت الانتخابات الرئاسية عن العظمة المزيفة وعن الزعامة الموهومة لأمريكا، وكأن الزمن يعيد نفسه.
فبالأمس الرئيس بوريس يلتسين يثور على الشيوعية ويفكك الاتحاد السوفييتي، واليوم يثور الرئيس دونالد ترامب على القيم الديمقراطية والليبرالية ويتوحش للتشبث بالسلطة؛ ويضرب بعرض الحائط كل المُثُل والحريات والمباديء لخلق حالة التأزم التي ستكون أولى مسامير نعش سقوط الولايات المتحدة الأمريكية؛ ويلوح في الأفق خيط النار المشتعل للأزمة من خلال تعامل الرئيس ترامب مع نتائج الانتخابات والتي ستأخذ كل أمريكا للمجهول؛ وعند رصد عوامل تفكّك الإتحادات والدولِ خلال القرن العشرين وما يحدث لغاية الآن.
أصبحنا على يقين أن الذي يخطط للعالم هي قوى أعظم من الدول وأكبر من الأنظمة السياسية وتستخدم الدول ليضرب بعضها بعضاً؛ وقد أتت اللحظة التي دارت فيها الدائرة على الولايات المتحدة الأمريكية التي عبثت لسنوات عديدة بخريطة العالم لتشرب من كأس الحسرة الذي سقته للدول مَنْ قبل.
ورغم علمها أنها ستنتهي في غضون أربعين عاما، فقد قررت تفكيك العالم في ثلاثين عاماً قبل أفول نجمها، فغيرت إمبراطوريات وشتتت شعوب وتلاعبت بمصائر دول كثيرة؛ وحان وقت العقاب الالهي لها لمعاقبتها على مجدها الزائف وعظمتها الموهومة التي بنتها على جماجم الدول المنهزمة.
وبمطالعة كتاب ( الموجة الثالثة ) ينتابنا الرعب لما سوف يجري قريباً في العالم، ونصل لدرجة اليقين عندما نواصل القراءة في كتاب ( الحرب العالمية الأخيرة قادمة ) لنجد أنَّ هذه المخططات ليست مجرّدَ نبوءة بل هي واقع ومؤامرة رسمتها قوى خفية وتنفذها بحذافيرها بموجب برامج زمنية تنهي من خلالها كل القوى العظمى على الأرض لتنفرد هي ببناء مملكتها المزعومة بعدما تهدم المسجد الأقصى كآخر بيت يعبد فيه الله على الأرض لتقيم هيكلها وتنصب ملكها الشيطاني المزعوم على الأرض، ولكن هيهات هيهات أن يتحقق ذلك؛ فـ ( الحرب العالمية الأخيرة قادمة ) وستكون فاتحة الخير لعودة الخير والعدل ليسودان على هذه الأرض.