0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

من يحصد ما زرعته امريكا في العراق

 
 
في زمن المراهقة، اي الفترة الانتقالية لحياتنا، كانت لنا جارة جميلة و من اسرة ميسورة، و لم يكن الكثير من الشباب ان يمروا من بيت اهلها و لم يلتفتوا ليبهروا بجمالها و من ثم الطمع في زواجها لسببين، الجمال و المال .
و كانت من اب سني و ام شيعية، مرت الايام، و نزلت في حينا بيت من الكاكائية، و بدات التنافس بين اولاد الحي لكسب خاطرها وحبها و من اجل امالتها اليهم، فعلوا العجائب و الغرائب، فلم يبدوا من البداية ان اهتمت الجارة باي احد على العلن، الا ان ابوها فضل تزويجها من احد اقاربه العديدين و الميسورين جميعا، فلم تقبل باي منهم، و لم يعلم اي منا بانها متيمة بابن العائلة الكاكائية منذ نزولهم للحي، و الاب السني لم يقبل به مهما حصل و كما معلوم في العرف و العادات و النظرة الى الاخر في المذاهب و الاديان المختلفة، و هكذا انتقل الاب الى بيته النهائي و بقيت العائلة حائرة بين وصية الاب على عدم تزويجها من ذلك الشاب و ما تريده العاشقة، فتغيرت الظروف و الحرب العراقية الايرانية بدات و انتقل بيت العاشقة الى مدينة اخرى، و لم نسمع الا بعد انتفاضة اذار و تحرير جزء من كوردستان من دنس الدكتاتورية، انها تزوجت من احد الشباب المتربين في الدول الغربية و اخذها حيث يعيش، و بعد سنين عادت الى بيت اهلها خائبة مكسورة الخاطر لانها لم تقدر ان تتلائم مع ما طلبه منها الشاب الغربي العقلية و السلوك و ما هي تربت عليه من العادات و التقاليد او ربما لوفائها للشاب الكاكائي، فلم يمر اشهر الا و نسمع بانها تزوجت من ما كانت عائلتها ترفضه اي الشاب الكاكائي و لحد اليوم يعيشون بسلام و امان وحياتهم طبيعية محبين للبعض سعيدين في الحياة و رزقوا باولاد، ضاربين بعرض الحائط من اعترضهم من وصية الابو الاقرباء لهم، هذا بعد ان تغيرت حال الفتاة و وثقت بنفسها و اصبحت هي صاحبة الراي و اعتمدت على نفسها في العديد من قراراتها .
ما اراه في العراق يتشابه مع ما رويته لكم، فان العراق لا يمكن ان يعيش دون العودة الى اصله الطبيعي وما يلائمه و ينجح فيه اعتمادا على الذات و بالخصائص المتميزة له من كافة النواحي و عندئذ يمكن تحقيق امنيات شعوبه جميعا . اي، بعد معاناة طويلة اثر ولادة غير طبيعية و وصل الى تحريره من الدكتاتورية بايدي الاخرين ، و ما فعلته امريكا بعد عقود من الزواج العرفي لابناء العراق من السنة و الشيعة و الكورد بامر فوقي و لمصلحة استعمارية ، مهما طالت الحالة فلابد ان يعود الى ما يمكن ان تزكيه ارضيته الاجتماعية والثقافية و السياسية.
ارادت امريكا ان يبقى العراق موحدة و تحت خيمتها و تامر و تنهي بما تشاء، فبعد خسائر جسيمة لم تنجح و عاد العراق الى ما يفرض العودة الى الاصل، فليس لاحد ان ينفرد في حصد ما زرعته امريكا دون ارادتها الا الشعوب العراقية جميعا و في واقع متغير يرتضي به الجميع ليعيش بسلام .