عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
previous arrow
next arrow

إلى أين المصير !؟

 

وكالة الناس – د. رجائي حرب
درجت العادة في مجتمعاتنا أن نقول عندما نبتلى بمصيبة الموت عبارة (اُذكروا محاسن موتاكم) درءاً لذكر سيئةٍ للميت تؤثر فيمن بعده من الأحياء، ودرجت العادة أيضاً أن نقول في مثل هذه المناسبات عبارة (ألسنة الخلق أقلام الحق)؛ والحق نقول أن ما سمعناه في رسالة حكومة الرزاز التي انتهى أجلها وأفضت إلى ما أفضت إليه غريب ومستغرب منا جميعاً كمراقبين ومثقفين ومواطنين.
فقد استغربنا أشد الاستغراب عندما قرأنا كتاب استقالة الحكومة الموجهة لجلالة الملك وهي تتكلم عن التحديات التي واجهتها طوال فترة تكليفها، وكيف تعاملت معها؛ وأثار فضولنا نسبة الانجاز التي ادعى الرئيس أن حكومته قد حققها والتي قاربت الـ(90%).
وتوقفت كثيراً عند هذه العبارة، كما توقف عندها العديد من الخبراء في الوطن وفي كافة المجالات، وغدا لزاماً البحث بعمق في كتاب التكليف السامي للحكومة يوم وجه جلالة الملك رسالته للرئيس الرزاز وذكر (أربع عشرة نقطة) سماها جلالة الملك بـ (عناصر الرؤية الضرورية للتعامل السريع والفاعل مع التحديات الحالية الضاغطة، وتجاوز الوضع الحالي الصعب)؛ وبالتالي فقبل الحديث عن نسبة الانجاز الحكومي والتي بلغت حسبما ادعى كتاب الاستقالة أنها (90%) لا بد وأن تتشكل لجان تقييم وطنية محادية ونزيهة تضع نصب عينيها (النقاط الأربع عشرة) كمعايير يقاس عليها إنجاز الحكومة وبعدها تحدد نسب الانجاز ويتم إعطائها نتيجة (ناجح أو فاشل).
وأعود هنا إلى المقولة التي ذكرتها في السطور العليا وأقول: ما هي المحاسن التي يجب أن نذكرها للحكومة المنتهية عندما نرى أنها استهلكت من عمر الدولة الزمن الكافي لتغيير كثير من نقاط الضعف والبدء بمشروع نهضة يسعى إليه كل الأردنيين، ولكنها آلت على نفسها المراوحة في نفس المكان دون أية برامج ومبادرات للخروج من الأزمة؟!
وما هي المشاريع التي أطلقتها لتشغيل العاطلين عن العمل لإفساح المجال لهم لبناء أحلام عائلاتهم بدل زيادة الأسى والحزن والفقر والرغبة في الموت عندما تمتد أيادي الأطفال لجيوب آبائهم فلا يجدون فيها إلا ضياع الحلم وضياع العمر وسرقة براءة الأطفال؟!
ماهي برامج الإصلاح السياسي التي وضعتها لتمكين الشباب من القيام بواجباتهم نحو الوطن وتنمية ولائهم وانتمائهم وجذبهم للتفاني في خدمة وطنهم وأن يكونوا روافع النهضة الحقيقية له بدل أن يبقوا عاطلين لا حول لهم ولا قوة، وبلا أمل يقودهم إلى قادم الأيام، محبطين وغير قادرين على أن يحلموا ببناء مستقبلٍ جميلٍ بوظيفة عادية ودخلٍ متوسط وبيتٍ يضمهم مع عائلاتهم؟!
وما هي البرامج التي وضعتها الحكومة للنهوض بالاحزاب وتفعيل دورها مع رفيقاتها من مؤسسات المجتمع المدني لحمل مسؤولية الوطن وجعلها رافعةً مدنيةً ترفد الوطن بالشباب الواعي المنتمي الانتماء الحقيقي والذي يأخذ الدولة إلى مستقبلٍ مشرق؟!
وما هي الاجراءات التي اتبعتها الحكومة لإنجاز قانون انتخاب يخدم الوطن ويفرز نواب قادرين على الرقابة والتشريع وإعطاء هيبة للسلطة التشريعية ويحضى باحترام الجميع بدل القانون الحالي الأعرج والعجوز الذي لا يسمن ولا يغني من جوع وينفر الناس عن القدوم للاقتراع ويزرع الفتنة بين أعضاء الكتل المتشكلة من أول لحظة لتشكيلها؟!
وماذا فعلت الحكومة لإنجاز النهضة الاقتصادية التي هي محور اهتمام كل المواطنين وميزان استقرارهم ومنبع فرحهم وسعادتهم واستقرارهم، هل تحسنت الرواتب؟ هلى تم صرف معونات للمتعطلين قبل جائحة كورونا؟ هل تم عمل مسح لجيوب الفقر لدعمها والقضاء عليها؟! وهل …؟ وهل …..؟ وهل …؟
وماذا فعلت الحكومة في موضوع الدين العام والهدر المتواصل للمال العام، وهل وضعت البرامج التي تستطيع تخفيض الدين بدل الزيادة التي تم إضافتها وقيمتها ما يقارب المليارين على اجمالي الدين العام خلال الفترة التي استلمت فيها زمام الأمور؟!
ولن أتكلم عن موضوع جائحة كورونا لأنني لي رأي خاص لا أريد أن أفرضه على القراء الأعزاء.
سنتان وما يقارب الأربعة أشهر مرت على هذه الحكومة كانت بلا نكهة وطنية ولا رائحة إنجاز تدفعنا نحن المحبين للوطن لأن نمتدحها أو نصفق لإنجازاتها للخروج من الأزمة، بل استمر النزف والجمود وتعميق الجراح وزيادة نسبة الفقر والفقراء حتى كاد الجميع أن ينفجر قهراً لولا إيماننا المطلق بالله.
لقد ضحكتم علينا كثيراً بإنجازاتكم الوهمية التي كشفها تقرير انجازاتكم؛ وتجاوزتم توجيهات جلالة الملك في كتاب التكليف السامي، ولم تنفذوا رؤيته في النهوض بالوطن، ولم تطبقوا ( نقاطه الأربع عشرة ) ولا ندري ماذا نقول.
هل نصرخ من الألم فيقول لنا المعنيون: (أن صوتك ارتفع ولا بد أن تحاسب على ارتفاع صوتك) وهو لا يدري أنه ارتفع من شدة الألم، أم نبقى صامتين فينغرس سكين التجاوزات والعبث وتجار المناصب والفاسدين المتغولين بصورة أعمق في مستقبلنا حتى يصل إلى أعماقنا فيسرق منا أعمارنا، ويغتال حلمنا بوطنٍ عشقناه حتى الثمالة منذ نعومة أظفارنا، ورسمنا باقاته زهوراً على جدران الزمن، ونسجنا من خيوط شمسه شالات ارتديناها في سرَّائنا وضرائنا، لا ندري ماذا نقول ولا ندري إلى أين المصير.