0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

قداسة البابا وأعيادنا

 
  
خمسون عاما مرّت حتى الان على زيارة الحبر الأعظم قداسة البابا بولص السادس الى منطقتنا المنكوبة منذ ستة وستون عاما زار خلالها القدس والناصرة وبيت لحم في الخامس من كانون ثاني عام 1964 وكان حينها فقط الجزء الغربي من القدس محتلّا بينما شرقي القدس وبلدتها القديمة وما تحويه من مقدّسات مسيحيّة وإسلاميّة هي جزء من المملكة الاردنية الهاشميّة واعتبرت تلك الزيارة من اهم زيارات الحج الكنسية للاراضي المقدّسة حتى ذلك الزمان .
وفي الخامس والعشرين من آذار عام 2000 قام قداسة البابا يوحنا بولص الثاني برحلة دينية الى الاراضي المقدّسة وجائت اهميّة الزيارة كونها في بداية الالفيّة الثالثة وكان الجزء الشرقي من القدس محتل من اسرائيل وبالتالي جميع المقدّسات المسيحيّة والإسلاميّة في البلدة القديمة في يد الدولة اليهوديّة بل بيد عصابات صهيونيّة وقد زار البابا ايضا المسجد الاموي في الشام في بادرة طيّبة منه .
وفي الرابع عشر من أيّار عام 2009 قام قداسة البابا بندكتوس السادس عشر بالزيارة البابويّة الدينيّة الثالثة للمنطقة وجاءت هذه الزيارة قبل يوم واحد من ذكرى ضياع فلسطين وتأسيس الدولة العبريّة وبعد انتقادات لتصريحات البابا في محاضرته في ألمانيا يوم 12 سبتمبر 2006 حين تطرق لموضوع “آيات القتال” في القرآن واستشهد بنص تاريخي لحوار بين الإمبراطور البيزنطي وأحد المفكريين الفارسيين حول دور النبي محمد (ص)، يقول فيه الإمبراطور أنّ النبي (ص) “أمر نشر الدين بالسيف”. محاضرة البابا لم تكن للحديث عن المسلمين بشكل مخصوص، بل هو ناقش أيضًا الوضع في الديانة اليهودية والمسيحية، ليصل إلى نتيجة مفادها أن الأديان عمومًا والمسيحية على وجه الخصوص، مرتكزًا على ان تعاليم سيدنا عيسى عليه السلام ترفض أي قوّة في نشر الدين وكان البابا قد قام خلال زيارته تركيا في 30 نوفمبر 2006 بزيارة مسجد السلطان أحمد وقد قام بالإستقالة من منصبه إختياريا لأول مرّة في تاريخ الكنيسة .
وتأتي الآن الزيارة البابويّة الدينيّة الرابعة للأراضي المقدّسة بينما ما زالت القدس محتلّة حتّى انّ إسرائيل تتمادى بطلبها بان يكون لها تواجد في منطقة الاغوار والبحر الميّت مكان عمّاد السيِّد المسيح عليه السلام .
وهنا يتبادر لي سؤال وهو الم يدرك اصحاب القداسة البابوات حتّى الآن مدى المآساة التي يعيشها شعب كامل بمسيحيّوه ومسلميه نتيجة الغطرسة الإسرائيليّة وتغوّلهم على الدول الكبرى وحتّى على الكنيسة التي قدّمت الإعتذار العلني للشعب اليهودي على إدّعائاتهم بوجود مذابح في أوروبّا بينما هم قاموا بأفظع منها في فلسطين حتّى الآن فيما لم يقم أيُّ من البابوات الثلاث بإستنكار تلك المجازر علنا او توجيه توبيخ مباشر للصهاينة على ذلك وإحقاق الحق لفرض السلام العادل والدائم في المنطقة خاصّة أنّ سيّدنا عيسى هو رسول محبّة وسلام بين البشريّة ولا يمكن ان يقبل بما يفعله الإسرائيليّون لأنّه ذاق العذاب على يد اليهود خلال حياته ونشر رسالة المحبّة والسلام بين الناس .
وكما لمنزلة البابا قدسيّتها ألم يشعر ايُّ من البابوات الثلاث بواجبهم في نشر رسالة المحبّة والسلام ورفع الأذى وإحقاق الحق بين شعوب هذه المنطقة التي نكبت منذ إغتصاب فلسطين عام 1948.
وقد شهدت الدول العربيّة تعايشا بين المسيحيّون واليهود والمسلمون في جميع الدول العربيّة التي بعض مواطنيها من الطائفة اليهوديّة والتي عملت إسرائيل بالخفاء والعلن على تهجير اليهود من تلك الدول لإسرائيل على مدى العقود الماضية .
وفي حين يقوم الصهاينة بخداع زعماء العالم الغربي المسيحي بطرق ملتوية ويتقبّل الزعماء ذلك بهدف تلبية مصالحهم الدنيويّة ولكن كيف يقبل قداسة البابا هذا الخداع وهو يرى خلال زيارة الحج البابويّة الرعويّة الدينيّة لأرض الواقع المعذّبين في الأرض بينما يصافح القتلة على الأرض المغتصبة وهي ارض الديانات وارض ميلاد سيدنا المسيح ومهده وعمّاده وقيامته فبالرغم من ان ايادي عربيّة وفلسطينيّة تصافح ايادي الصهاينة القتلة ولكن ايادي قداسته التي تمسح الالام عن المعذبين يجب ان لا تمس ايادي ملطّخة بدماء الاطفال والنساء والشيوخ والرهبان في القدس وغزّة والناصرة وبيت لحم وانحاء فلسطين فكما للحبر الأعظم قداسته فإنّ للقدس زهرة المدائن قدسيّتها في قلوب الجميع وهي تسير في طريق الالام حزينة على ما اصابها واصاب اهلها من ظلم .
والشعب الاردني بكافّة طوائفه ومنابته وقيادته وحكومته يستقبلون قداسة البابا ضيفا كبيرا غاليا وعزيزا وحاجّا كريما ورسول محبّة وسلام بكل ترحاب في يوم من اعزّ الأيّام على الأردنيّين وهو عيدهم الوطني ذكرى يوم استقلالهم عن المستعمر الذي ساهم في زرع الورم السرطاني في ارض المقدّسات مسرى محمّد عليه الصلاة السلام ومهد عيسى عليه السلام .
حمى الله الاردن ارضا وشعبا وقيادة وابعد عنه الشر الصهيوني وكل عام وبلدنا بالف خير .
أحمد محمود سعيد
23 / 5 /2014