ليبيا – كل جماعة مسلحة تستطيع فرض اي قرار
ليبيا – كل جماعة مسلحة تستطيع فرض اي قرار
كان القذافي يقول ليبيا جماهرية وتمثل اعلى درجات الديمقراطية وهي الفوضى وانه لا توجد حكومة في ليبيا ولا حاكم بل الشعب كله يجلس على الكراسي وهو الذي يحكم والشعب يملك السلطة والثروة والسلاح . كما يقول ان النفط هو ملك لكل الشعب ولهذا يجب تقسيم دخل النفط على العائلات الليبية بالتساوي . والشعب يقوم بنفسه بالإشراف على الأمن وتسيير المرافق العامة ويجلس على الكراسي في المؤتمرات الاساسية ومؤتمر الشعب العام ويقيم لجان شعبية ليجلس فيها الشعب الحاكم .واعضاء الموتمر الشعب العام واللجنة الشعبية العامة ليسوا ممثلين عن الشعب بل دورهم نقل قرارات الشعب الى هذه المجالس وهم ليسوا أشخاصا بأسمائهم بل أرقاماً . وكنا والعالم معنا نضحك على هذا القول لأننا جميعا نعرف انه لا يوجد شيء مما يقول وان البلاد يحكمها هو وحده او من يفوضه في المؤتمرات الاساسية وفي مؤتمر الشعب العام وفي اللجان الشعبية. وان دخل النفط يصرف على طموحاته السياسية . والشعب يعيش على الرمق . وثار الشعب يوم ١٧ فبراير وتنفسنا الصعداء وسارع العالم الى مساعدة اليبيين للقضاء على القذافي ، وليعيش الشعب الليبي كبقية دول العالم الاخر في دولة ديمقراطية يحكمها القانون وحكومة مدنية منتخبة . لم يكن احد منا او من العالم يتوقع او حتى يتصور ان الشعب الليبي استوعب كلام القذافي وان أفكاره عشعشت في أدمغة الليبيين حتى قام الشعب بعد الثورة بتنفيذ كلام القذافي على الواقع المعاش، وأصبحت البلاد جماهيرية شعبية كما أرادها القذافي، الشعب فيها يحكم ويجلس على الكراسي في الموتمر الوطني والمجالس المحلية وفي الحكومة وفي اللجان الثورية ، والكل يملك السلطة والسلاح ونصيبه من النفط . وتحققت نظرية الفوضى الديمقراطية.ولكن جماهيرية الشعب الثورية عجزت عن حفظ أمن البلاد وفي المدن وعلى الحدود وخلق الكوادر اللازمة لتسيير المرافق كما جاء في كلام القذافي . وأصبح حال ليبيا كما نراه الشعب يحكم ويجلس على الكراسي ويملك الثروة والسلاح ولم يعد هناك ضرورة لما يسمى بحكومة وجيش وشرطة وكل يشعر بحريته رغم الاغتيالات وعمليات الخطف في كل مكان ، وحدود مفتوحة لكل الأطياف الأفريقيون سيطروا على الجنوب والإسلاميون وجدوا ضالتهم في بلد يحتل موقعا جغرافيا فريدا في مواجهة الجنوب الأوربي ويتوسط الدول الاسلامية الافريقية ومكانا صالحا لعمليات إرهابهم فأسرعوا الى احتلال بعض مدنها وأقاموا فيها حكما سموه إسلاميا ودخلوا الانتخابات وفاز بعضهم ويستعدون اليوم لتحويل ليبيا الى مركز الخلافة الاسلامية ومساعدة الاخوان المسلمين في مصر ليستردوا مجدهم فيها الذي تلاشي مع الريح . والليبيون غير مهتمين والحكومة يديرها ثلاثة رؤساء وزارت واحد يعيش في الخارج والثاني يجلس على الكرسي والثالث ينتظر دوره ، ووزراء لا يعترف بهم احد وهم يجلسون على الكراسي ويخاطبون بأصحاب المعالي ولا عمل لهم لان الشعب يحكم نفسه ويسير أمور دولته . والسفراء الأجانب يقابلون ويتشاورون مع كل الشعب في مجالسه المحلية ومع مليشياته الثورية . ولهذا لا احد يشكو تدهور الأمن والإصلاح وانقطاع الكهرباء والماء لساعات ونهب البيوت والتعرض للمارة وغلق الشوارع من ان لآخر ، كل هذا يجري والشعب راضٍ فهو يجلس على الكراسي ويملك دخل النفط والسلاح ويأكل ويشرب والكل يستلمون المرتبات ولا يعملون ويقضون أوقاتهم في الفسحة في السيارات الفارهة ويعالجون في أحسن مستشفيات أورباو يقضون شهورا في فترات نقاهة للترفيه عن أنفسهم من تعب الجهاد والعمل الشاق الذي أدوه للوطن ، ويرسلون في أفواج بالآلاف في بعثات ترفيهية للتدريب وعند رجوعهم ينضمون الى مليشيات الثوار لأنهم يدفعون لهم اكثر وأقل خطرا من العمل مع الحكومة. وكل من وجد بيتاشاغرا يفتحه ويدعي ملكيته والمليشيات تشغل تكنات الحكومة والجيش الليبي والشرطة تبحث عن مكان تأوي اليه .وتحققت الحريات فكل من أراد يستطيع إصدار صحيفة ويقول ما يشاء لانه لا يوجد قانون ولا قضاء ، وانتشرت الصحف وكثر الكتاب لكن لا احد يقرا وجرت انتخابات رشحت لها وجوها غير معروفة ، وانتخب كل مواطن أخيه وقريبه وابن قبيلته ومن فرضه ثوار ، فجاء الموتمر الوطني خليطا من الناس ليس لهم هدف او سياسة تقسموا للحصول على المصالح وتحالفوا مع المليشيات المسلحة بعدما عرفوا بانه لا سلطة لهم فكل جماعة مسلحة تستطيع فرض اي قرار عليهم او خطفهم فقد خطفوا رئيس وزراء وهددوا رئيس وزراء اخر وعائلته في بيته وخطفوا رئيس المؤتمر الوطني وكل ذلك حدث علنا على التلفزيون والعالم يتفرج . والكل متفائل ويقول هذا شئ طبيعي وهكذا الثورات ويضربون مثلا بالثورة الفرنسية التي في الحقيقة خلقت دكتاتورية ومهدت الطرق لعودة الإمبرطورية . هذا قليل من كثير ، كل يرى هول ما يحدث وينتظر انفراجا لا اعرف كيف سيتم؟ انا اعرف ان ما اكتبه لا يرضي الكثيرين ولكني اطلب من هولاء ان يقولوا لنا ما هو الحل والعمل بدلا من الفلسفة عن الديمقراطية والحريات والمصالحة والحوار ويحلمون بان انتخابات مجلس للنواب وإنشاء لجنة لإعداد الدستور سيأتي بالفرج . الوضع يزداد تعقدا كل يوم والفوضى تضرب أطنابها في كل أنحاء ليبيا والكل يتربص بيكم 0
بقلم الكاتب جمال ايوب