يوم حزين يوم إغتصاب الأرض والحقوق وتشريد الشعب الفلسطيني
يوم حزين يوم إغتصاب الأرض والحقوق وتشريد الشعب الفلسطيني
في ذكرى النكبة الفلسطينية الكبرى يقف اللاجئ يفكر إلى متى سيبقى يحمل إسم لاجئ ؟ ! لكنه يؤمن ولديه يقين بأن الكيان الصهيوني هزيمتها قريبًا سينتاهي وعندها ستبدأ رحلة العودة فلن يتوقف التاريخ ، يوم حزين لأنه يوم إغتصاب الأرض والحقوق وتشريد الشعب وهو يوم الغضب , لأنه ورغم 66 عامًا ما زالت النكبة بكل تجلياتها ماثلة ، ولم يحدث تقدم نحو العودة خطوة واحدة ، بل وتتوالى النكبات على المنكوبين ويتشرد اللاجئون من جديد ، وتتكاثف الغيوم السوداء في الفضاء السياسي لعموم القضية الفلسطينية ، ولم يكتف الحكام المستبدون بدولنا العربية بفشلهم فى التصدى للمشروع الصهيونى بفرقتهم وإهتمامهم بمصالحهم الضيقة على حساب المصالح العربية المشتركة، وإنما أجرموا فى حق أجيال بكاملها عندما ساهموا فى زرع اليأس والعجز فى نفوس قطاعات كبيرة من الجماهير وإيهامهم بأن مواجهة العدو الصهيوني شيء مستحيل فى ظل الظروف الحالية.
أعتقد أن بإمكاننا عمل الكثير لنصرة شعب فلسطين والدفاع عن حقوقنا المشروعة ، فيجب العمل على إعادة تعريف القضية الفلسطينية وتسمية المسميات بأسمائها الحقيقية والعمل على نشرها وإذاعتها بكل لغات الأرض ، لابد أن يؤكد الخطاب العربى ( الرسمى والدبلوماسى والشعبى والإعلامى ) أن هناك إحتلالا عسكريا وهناك إنتهاكات لحقوق الإنسان ، وأن هذا الاحتلال وتلك الإنتهاكات مناقضة للقانون الدولى ولكل المواثيق والأعراف الدولية ، كما لابد أن يؤكد الخطاب العربى على أن هناك مقاومة للاحتلال ( وليس عنفا أو إرهابا ) .
هل بالإمكان تغيير الخطاب السياسى والإعلامى لحكوماتنا العربية لتقدم الصراع العربى الصهيونى على حقيقته ؟ وهل بإمكاننا تغيير مقرراتنا التعليمية فى المدارس والجامعات وإعادة تسمية الأسماء بأسمائها الحقيقية ووضع فلسطين كقضية أمن قومى عربى على المستويين الرسمى والشعبى ؟؟؟ ولماذا لا تستخدم وسائل إعلامنا صفات العنصرية والإستعمارية و الإستيطان عندما نتحدث عن ذلك الكيان ؟ ولماذا لا ننتج البرامج والأفلام الوثائقية والمواد الدعائية لتوعية الشعوب بالمخاطر الكبرى التى تنتظرها المنطقة كلها ؟ ولماذا لا نهتم بدحض الأساطير التى تأسست عليها الدولة الصهيونية ؟ أليس بإمكاننا فضح أسطورة أرض الميعاد ونبوءة المسيح المنتظر ومقولة الشعب المختار ، أليس من اليسير كشف الأكاذيب التى تروجها آلة الدعاية الصهيونية ( وراح بعضنا للأسف يرددها بلا وعى ) كأكذوبة أن فلسطين كانت أرضا بلا شعب وأكذوبة أن الفلسطينيين قد باعوا أراضيهم ؟ .
أليس من الضرورى كشف أكذوبة أن مشكلة فلسطين هى مشكلة الفرص الضائعة ، وكشف حقيقة بنية الدولة الصهيونية التى تتعارض أصلا مع السلام وقامت على أساس نفى الآخر وإغتصاب أرضه ؟ لماذا لا يتم الكشف ولو إعلاميا ودبلوماسيا وشعبيا عن مخططات الصهاينة فى التطهير العرقى والعزل العنصرى وشرعنة الإستيطان ؟ ولماذا لا يواجه العرب قرارات الداعية إلى الإعتراف بالقدس عاصمة للدولة الصهيونية أو إثارة ما صار يطلق عليه قضية اللاجئين اليهود فى الدول العربية وتقديم تعويضات مالية يُزعم أنهم هُجّروا من الدول العربية ؟ ولماذا لا يفتح الحقوقيون العرب والجاليات العربية بالخارج ملف إختراق الدولة الصهيونية للقوانين فى حروب هجومية وفى هدم البيوت وإستهداف المدنيين والأسرى وسيارات الإسعاف ؟ ولماذا لا نتحدث فى كل مكان عن حق العودة كحق مقدس نصت عليه قرارات الأمم المتحدة وتضمنه لنا جميع المواثيق الدولية ؟ ولماذا لا نعقد المؤتمرات وورش العمل لدراسة المقترحات التى قدمها أساتذة محترمون ، كالأستاذ سليمان أبو ستة ، وأثبتوا فيها أنه من الممكن إعادة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم فى سياق حل شامل للقضية ؟ ولماذا لا نقدم هذه المقترحات ضمن مبادرات تستهدف رمى الكرة فى الملعب الصهيوني ؟ وليما ذا لا نهتم بالمقاومة كخيار شرعى للشعب الفلسطينى ولجميع الشعوب العربية.
إن مقاومة المحتلين لا تكون فقط بالقوة العسكرية وإنما بكل صور المقاومة ، والهزيمة الحضارية والنفسية لمثل هذا النوع من الإستعمار قد تكون المقدمة الطبيعية والضرورية لهزيمته عسكريا لاحقا ، فمتى وُجد إحتلال وإستعمار ظهرت المقاومة بكل صورها العنيفة وغير العنيفة ، نعم من الصعوبة الآن الحديث عن تحريك الجيوش العربية لكن أليس من المنطقى تحريك العقول وتشغيلها فى كل ما يُنهك العدو إقتصاديا ودبلوماسيا وإعلاميا ؟ أليس من الممكن تعزيز المقاومة القانونية والدبلوماسية عبر جميع المحافل الدولية لتعرية الكيان الصهيونى ، وفضح ممارساته العنصرية اتجاه الشعب الفلسطينى فى الداخل وكشف معاناة الأسرى والمعتقلين وتهويد القدس والإعتداء على المساجد والكنائس , وإختراق الصهاينة لجميع الأعراف والمواثيق الدولية ؟
أليس من المهم كشف حقيقة الديمقراطية المزعومة داخل هذا الكيان العنصرى والتوجه لكافة المحافل الدولية ذات الصلة للمطالبة بمقاطعة هذا الكيان ومحاسبته ولو إعلاميا وشعبيا ؟ إننا لا نحتاج هنا إلا إلى تقديم الدراسات والتقارير الغربية التى تكشف هذه الحقيقة والترويج لها إعلاميا ودبلوماسيا ؟ ألم يحن الوقت لدعم إقامة حملات أهلية ووطنية ودولية للدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى والتى نصت عليها عشرات القرارات الدولية ؟ لا يجب الاستهانة أبدا بهذه الأمور، فالصهاينة يروجون صورة كاذبة عن أنفسهم وعن دولتهم فى المجتمعات الغربية .
بقلم الكاتب جمال أيوب .