كورونا…. تُبلي السرائر
وكالة الناس – رقيق عبد الله
ها قد و جد العالم ذاته عاريا بلا مقدس غير قداسة الحياة، وهو الذي تدثّر طويلاً، وتحصّنَ بكل ما ظنّ أنه الحيز الواقي والمقتدر لكينونته الخالدة.
لقد بٌليت بكورونا السرائر فأجبرنا على الالتفات نحو الجانب الآخر، الجانب المظلم وغير المشعور به من ذواتنا، ومن النفس العميقة اللاواعية لمجتمعاتنا وكشفت عقده الحضارية فالموت ليس حادثاً طارئاً في حياة الإنسان ووجوده وانه من قابيل وهابيل ما انقطع يوماً تحت أسباب الفجائع، التي خلفها الانسان مع اخيه وما اجترحه كورونا الا انه بلى السرائر وما حصائد موتٍه لكي يكون هذا الفزع والرعب القاتم منه بأكثر ما فعله الانسان بأخيه؛ ام ان هناك موتٌ دون موتٍ.
لقد فعلها كورونا واجاب، فالموت في الحروب التي تحصد عشرات الملايين، والموت الذي يفتك بالناس تخلفا ومجاعة وقهرا للشعوب واستبدادها وكثرة الأمراض المنتشرة الفتاكة بها، والحوادث والحرائق والانتحارات، مما لا يمكن لقداسة الحياة الا ان تجعله سرا كأنه لا حدث منذ انبثاق الانسان في تاريخه، وكم كان مستبسطا طعمه في الشفاه وعلى الألسنة، قبل زمن كورونا أيها الانسان، فلماذا إذن لا تستبسطه اليوم بالقدْر الذي أبأسنا به كورونا وأتعسنا؟.
الحقيقة ان كورونا هو الموت الخارج عن الارادة الغير المُتَحكَّم به وهو يختلف عن الموت الآخر المستعد له الفاعلين به وفق ذات وارادة أما كورونا، فهو العدمُ الذي نفقد أمامه إرادتنا لقد كشف عجزنا وفقدت الإرادة المجتمعية قدرتها، وكانت في أشد حالات إعيائها وعجزها، ولأول مرة يختار الهروب عن الاقدام والجبن عن الشجاعة وصرخ ليس بوسعنا أن ندافع عن الحياة، بل نهرب إليها لشراء النجاة بالحجر لقد ابليت السرائر وتساوى فقير ووهان مع ملك امة لأول مرة أيضاً، يتساوى الحارس والمحروس قادة وملوك.
كأن كورونا أراد أن يقر حقيقة خفية ويحقق العدالة التي أفتقدها الإنسان حتى في أمنياته وأحلامه ذاته وروحه.