لعلهم يقرأون!!
قدّم جنرال إسرائيلي متقاعد عن الحرب بمعناها العسكري الميداني ومتفرغ للحرب النفسية محاضرة في النرويج عما يسمى في تقاويم العولمة الربيع العربي.
وانتهى إلى إن الربيع الحقيقي كان اسرائيلياً بامتياز، ذلك لان اسرائيل تخلصت بفضل من ينوبون عنها من الخطر العربي، فالجيش العراقي كما قال حُلَّ عشية الاحتلال، والجيش السوري وصل الى ما هو عليه، وثمة جيوش اخرى تحولت الى طوائف ومنها ما اصبح قوات مشلحة «بالشين» وليس بالسين.
والمحاولات جارية على قدم وساق لاضعاف الجيش المصري الذي يصنف بالجيش الثالث عشر على مستوى العالم!
هذا ما قاله جنرال بعظمة لسانه، لعل من لا يصدقون الكلام الا اذا جاء بالعبرية الفصحى، يتوقفون ولو نصف دقيقة لتأمل ما جرى لهم ومن حولهم وتحت أقدامهم ايضاً.
إسرائيل كما يصدر عن ساستها وجنرالاتها وحاخاماتها تستثمر وعلى الفور أي خراب أو تفكيك عربي، لانه يجعلها تطمئن على مستقبلها، فالعرب الآن يقتلون عرباً تحت مختلف الذرائع والمسميات، ولا حاجة بها لأن تفقد جندياً واحداً في ربيع يأتيها بالمجان.
ولا أظن ان لدينا الآن حاسوباً مهما بلغ من الذكاء يستطيع احصاء خسائرنا، فالمتاحف نهبت والقتلى بمئات الآلاف ان لم يكونوا بالملايين من الشام لبغدان ومن اليمن السعيد الى ليبيا البهية، والبقية تأتي!
إن من بلغ بهم اليأس حداً دفعهم الى القول الأخرق وهو لتحبل حتى من جحش، عليهم ان لا يتوقعوا مهراً أو غزالاً، فالجحش ابو جحش وكذلك ابنه وحفيده الى القيامة، ما من عربي يعي واقعه ولديه ولو قدر ضئيل من فهم التاريخ لا يحلم بالتغيير والانتقال الفوري من حالة الاستنقاع التي شملت كل شيء ومن الفساد الذي لم ينج منه حتى الملح!
لكن للتغيير مناهج واساليب وادوات وقبل ذلك له رؤى، وحين يكون عشوائياً وأعمى فان حابل التغيير يختلط بنابل التدمير!
فأي ربيع قومي هذا الذي لا ترد فيه كلمة فلسطين الا لماما وعلى استحياء؟
كان يمكن لذلك الجنرال ان لا يقول ما قال عن ربيعه الاسرائيلي، ويبقى صامتاً كي لا يتنبه العرب الى ما جرى لهم.
لكنه على ما يبدو قرأ أو سمع ما قاله موشى دايان ذات هزيمة عن كون العرب لا يقرأون، ومن يقرأ منهم سرعان ما ينسى، لانه منهمك في شجون يومه ومحيطه الاجتماعي والمعارك الدونكوشوتية التي تفرضها ثقافة النميمة وأدبيات النكاية والاستعداء.
إن من يعيشون لحظتهم فقط، وتستعبدهم الغرائز التي تتحكم ببوصلاتهم لا يدركون أن المستقبل الذي يتجاهلونه سيصبح كميناً لأحفادهم.