إنفلونزا الدنانير
وكالة الناس – جروان المعاني
اعتاد الاردنيون ان يتحلقوا حول التلفاز بأوقات المطر الغزير حيث يباشرك المذيع بالقول كل الطرق سالكة باستثناء الطرق التالية ويُعدد أغلب الطرق الحيوية الرئيسة، وبان الموسم المطري اعتدل ويبشر في الخير لكن خبراء الارصاد يحذرون من خطر الانجماد وينصح بعدم الخروج الا للضرورة.!
اعتاد الاردنيون اذا اجتمع اثنان منهم الى الدعاء لله ان يهطل المطر لتخف حدة انتشار الامراض والأوبئة، خاصة انفلونزا الخنازير او الانفلونزا الموسمية مع ان وزارة الصحة تؤكد انها واحد.
اعتاد الاردنيون ان يكذبوا انفسهم ويصدقوا ما يقوله المسؤول فهذه السيول والفياضانات قد تم التعامل معها بحرفية عالية ولم تغرق بيوت ولا محال تجارية وان حدث فبسبب عدم جاهزية المركبات التي تسبب كثرتها ارتفاع منسوب المياه.
كثيرة هي الامور التي اعتاد عليها سكان الاردن من مختلف الاصول والمنابت وان كانت تختلف اثارها باختلاف المناطق، فمثلا الاحساس بالبرد يختلف بين قاطني (عبدون التحته، وعبدون الفوقه)، وكذلك انقطاع التيار الكهربائي او شكل الحفر والمطبات في شواع دلاغة وعقربة وغيرها من القرى مقارنة مع بعض مناطق عمان، حتى الانفلونزا تختلف فهي في الزرقاء وسحاب مثلا قد تؤدي للموت بينما في مناطق معينة قال صاحبي انها انفلونزا دنانير.! فكم من طبيب وصاحب صيدلية ومستشفى قد اصابه الثراء من جراء الانفلونزا..!
اعتاد الاردنيون وانا منهم على المبالغة في تخوفهم من اثر المطر، فهي في العادة تؤدي دورا حاسما ومأساويا في اظهار اختلالات البنية التحتية كما اعتادوا على ان لا يصدقوا نشرات الاخبار وتصريحات اصحاب الشأن، بل اننا نذهب الى ابعد من ذلك اذ ننتظر مع كل منخفض جوي حدوث مأساة ما، وكأنه لا يكفينا ما نحن فيه من هزيمةٍ حضاريةٍ واختلالاتٍ مجتمعيةٍ، مع تركيزي على تنوين الكسر خوفاً من ان اساهم في انحدار حالتنا اكثر.
الطريف في اعتياد الاردنيين انه امر يتكرر كل عام حيث تنفق الملايين على الترقيع وفتح المجاري ورفع الارصفة وزيادة عدد العاملين واستقدام المهندسين لإيجاد الحلول ولكن الوضع لا يتغير، وهنا تظهر الامور جلية فالدولة تفعل كل ما بوسعها ومع ذلك تستمر الاختلالات وهذا يؤشر الى ان السبب في كل ما يجري هو الانسان الاردني وليس الحكومات، وهنا على الحكومة ان تتخذ قرارا بتغيير السكان، وهي تمتلك وسائل عدة لفعل ذلك، فكما استطاعت ان تجعل المسافة بين عمان والزرقاء تحتاج الى ساعة ونصف بفضل عبقرية العاملين على الطريق السريع، تستطيع ان تستبدل مليون اردني بمليون تركي او لبناني، ولكن يبقى السؤال هل سيرضى الاتراك أو اهل لبنان؟
بالتأكيد الجواب أن كثير من الاردنيين (جاهزون جاهزين) الا اذا عمدت الدولة لنشر انفلونزا الدنانير بدلا من رعب انفلونزا الخنازير، واخيرا ارجو من الدولة أن تعي ان الموسم المطري في بدايته وعليها ان تعمل بجدية تامة على انهاء مأساة سكان الاردن جراء الامطار والباص السريع فان استشعروا العجز فليستبدلوا انفسهم عسانا نرى الخير.